التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ} (3)

وجواب القسم يفهم من قوله - تعالى - بعد ذلك : { أَيَحْسَبُ الإنسان أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ } . والمراد بالإِنسان : جنسه . أو المراد به الكافر المنكر للبعث . والاستفهام للتوبيخ والتقريع .

وقد ذكروا فى سبب نزول هذه الآية أن بعض المشركين قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم : يا محمد حدثنى عن يوم القيامة ، فأخبره صلى الله عليه وسلم عنه .

فقال المشرك : لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك - يا محمد - أو يجمع الله العظام . فنزلت هذه الآية .

والمعنى : أقسم بيوم القيامة الذى لا شك فى وقوعه فى الوقت الذى نشاؤه ، وأقسم بالنفس اللوامة التقية التى تلوم ذاتها على الخير ، لماذا لم تستكثر منه ، وعلى الشر لماذا فعلته ، لنجمعن عظامكم - أيها الناس - ولنبعثنكم للحساب والجزاء .

وافتتح - سبحانه - السورة الكريمة بهذا القسم ، للإِيذان بأن ما سيذكر بعده أمر بهم ، من شأن النفوس الواعية أن تستشرف له ، وأن تستجيب لما اشتمل عليه من هدايات وإرشادات .

ووصف - سبحانه - النفس باللوامة بصيغة المبالغة للإِشعار بأنها كريمة مستقيمة تكثر من لوم ذاتها ، وتحض صاحبها على المسارعة فى فعل الخيرات .

والعظام المراد بها الجسد ، وعبر عنه بها ، لأنه لا يقوم إلا بها ، وللرد على المشركين الذين استبعدوا ذلك ، وقالوا - كما حكى القرآن عنهم - : { مَن يُحيِي العظام وَهِيَ رَمِيمٌ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ} (3)

( لا أقسم بيوم القيامة ، ولا أقسم بالنفس اللوامة ) . . على وقوع هذه القيامة ، ولكنه لما عدل عن القسم ، عدل عن ذكر المقسم به ، وجاء به في صورة أخرى كأنها ابتداء لحديث بعد التنبيه إليه بهذا المطلع الموقظ :

أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه ? بلى قادرين على أن نسوي بنانه . .

وقد كانت المشكلة الشعورية عند المشركين هي صعوبة تصورهم لجمع العظام البالية ، الذاهبة في التراب ، المتفرقة في الثرى ، لإعادة بعث الإنسان حيا ! ولعلها لا تزال كذلك في بعض النفوس إلى يومنا هذا !