التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولٞۖ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمۡ قُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (47)

ثم بين - سبحانه - أن من مظاهر رحمته بعباده ، أن جعل لكل أمة رسولا يهديها إلى الحق وإلى الطريق المستقيم فقال - تعالى - : { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بالقسط وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } .

أى : أنه - سبحانه - اقتضت حكمته ورحمته أن يجعل لكل جماعة من الناس ، رسولا يبلغهم ما أمره الله بتبليغه ، ويشهد عليهم بذلك يوم القيامة ، فإذا جاء رسولهم وشهد بأنه قد بلغهم ما أمره الله به ، قضى - سبحانه - بينه وبينهم بالعدل ، فحكم بنجاة المؤمن وبعقوبة الكافر ، ولا يظلم ربك أحدا .

قال الإِمام ابن كثير عند تفسير لهذه الآية " فكل أمة تعرض على الله - تعالى - بحضرة رسولها ، وكتاب أعمالها من خير أو شر شاهد عليهم ، وحفظتهم من الملائكة شهود أيضا أمة بعد أمة ، وهذه الأمة الشريفة وإن كانت آخر الأمم في الخلق ، إلا أنها أول الأمم يوم القيامة ، يفصل بينهم ويقضى لهم جاء في الصحيحين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ، المقضى لهم قبل الخلائق ، فأمته إنما حازت قصب السبق بشرف رسولها - صلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم الدين " .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولٞۖ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمۡ قُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (47)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلِكُلّ أُمّةٍ رّسُولٌ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ولكلّ أمة خلت قبلكم أيها الناس رسول أرسلته إليهم ، كما أرسلت محمدا إليكم يدعون من أرسلتهم إليهم إلى دين الله وطاعته . فإذا جَاءَ رَسُولُهُمْ يعني في الاَخرة كما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : ولِكُلّ أُمّةٍ رَسُولٌ فإذَا جاء رَسَوُلُهُمْ قال : يوم القيامة .

وقوله : قُضِيَ بَيْنَهُمْ بالقِسْطِ يقول قضي حينئذ بينهم بالعدل وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ من جزاء أعمالهم شيئا ، ولكن يجازي المحسن بإحسانه والمسيء من أهل الإيمان إما أن يعاقبه الله وأما أن يعفو عنه ، والكافر يخلد في النار فذلك قضاء الله بينهم بالعدل ، وذلك لا شكّ عدل لا ظلم .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : قُضِيَ بَيْنَهُمْ بالقِسْطِ قال : بالعدل .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولٞۖ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمۡ قُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (47)

قوله تعالى : { ولكل أمة رسول } ، إخبار مثل قوله تعالى : { كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى } {[6130]} وقال مجاهد وغيره : المعنى فإذا جاء رسولهم يوم القيامة للشهادة عليم صير قوم للجنة وقوم للنار فذلك «القضاء بينهم بالقسط »{[6131]} وقيل : المعنى فإذا جاء رسولهم في الدنيا وبعث صاروا من حتم الله بالعذاب لقوم والمغفرة لآخرين لغاياتهم ، فذلك قضاء بينهم بالقسط ، وقرن بعض المتأولين هذه الآية بقوله { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً }{[6132]} وذلك يتفق إما بأن نجعل { معذبين } [ الاسراء : 15 ] في الآخرة ، وإما بأن نجعل «القضاء بينهم » في الدنيا بحيث يصح اشتباه الآيتين .


[6130]:- من الآيتين (8، 9) من سورة (الملك).
[6131]:- دليل ذلك قول الله تعالى: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد}، وقوله سبحانه: {ويكون الرسول عليكم شهيدا}.
[6132]:- من الآية (15) من سورة (الإسراء).