ثم أخذت السورة الكريمة فى تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم عما أصابه منهم ، فقال - تعالى - : { إِنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب لِلنَّاسِ بالحق . . . } .
أى : إنا أنزلنا عليك - أيها الرسول الكريم - القرآن لأجل منفعة الناس ومصلحتهم ، وقد أنزلناه متلبسا بالحق الذى لا يحوم حوله باطل .
{ فَمَنِ اهتدى } إلى الصراط المستقيم ، وإلى الحق المبين فهدايته تعود إلى نفسه { وَمَن ضَلَّ } عن الطريق المستقيم ، فإثم ضلاله . وإنما يعود على نفسه وحدها .
{ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم } يا محمد { بِوَكِيلٍ } أى : بمكلف بهدايتهم ، وبإجبارهم على اتباعك ، وإنما أنت عليك البلاغ ، ونحن علينا الحساب .
القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنّاسِ بِالْحَقّ فَمَنِ اهْتَدَىَ فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلّ فَإنّمَا يَضِلّ عَلَيْهَا وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : إنا أنزلنا عليك يا محمد الكتاب تبيانا للناس بالحقّ فَمَن اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ يقول : فمن عمل بما في الكتاب الذي أنزلناه إليه واتبعه فلنفسه ، يقول : فإنما عمل بذلك لنفسه ، وإياها بغى الخير لا غيرها ، لأنه أكسبها رضا الله والفوز بالجنة ، والنجاة من النار . وَمَنْ ضَلّ يقول : ومن جار عن الكتاب الذي أنزلناه إليك ، والبيان الذي بيّناه لك ، فضل عن قصد المحجة ، وزال عن سواء السبيل ، فإنما يجوز على نفسه ، وإليها يسوق العطب والهلاك ، لأنه يكسبها سخط الله ، وأليم عقابه ، والخزي الدائم . وَما أنْتَ عَلَيْهِمْ بوَكِيل يقول تعالى ذكره : وما أنت يا محمد على من أرسلتك إليه من الناس برقيب ترقب أعمالهم ، وتحفظ عليهم أفعالهم ، إنما أنت رسول ، وإنما عليك البلاغ ، وعلينا الحساب ، كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَما أنْتَ عَلَيْهِمْ بوَكِيلٍ أي بحفيظ .
حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : وَما أنْتَ عَلَيْهِمْ بوَكِيلٍ قال : بحفيظ .
هذا إعلام بعلو مكانة محمد عليه السلام واصطفاء ربه له . و { الكتاب } القرآن .
وقوله : { بالحق } يحتمل معنيين ، أحدهما : أن يريد مضمناً الحق في أخباره وأحكامه ، والآخر : أن يريد أنه أنزله بالواجب من إنزاله وبالاستحقاق لذلك لما فيه من مصلحة العالم وهداية الناس ، وكأن هذا الذي فعل الله تعالى من إنزال كتاب إلى عبيده هو إقامة حجة عليهم ، وبقي تكسبهم بعد إليهم ، { فمن اهتدى فلنفسه } عمل وسعى ، { ومن ضل فعليها } جنى ، والهدى والضلال إنما لله تعالى فيهما خلق واختراع ، وللعبد تكسب ، عليه يقع الثواب أو العقاب . وأخبر نبيه أنه ليس بوكيل عليهم ولا مسيطر ، والوكيل : القائم على الأمر حتى يكمله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.