البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ لِلنَّاسِ بِٱلۡحَقِّۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَلِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِوَكِيلٍ} (41)

لما كان عليه السلام يعظم عليه عدم إيمانهم ورجوعهم إلى ما أنزل الله تعالى عليه ، سلاه تعالى عن ذلك ، وأخبره أنه أنزل عليه الكتاب ، وهو القرآن ، مصحوباً بالحق ، وهو دين الإسلام ، للناس : أي لأجلهم ، إذ فيه تكاليفهم .

{ فمن اهتدى } : فثواب هدايته إنما هو له ، { ومن ضل } : فعقاب ضلاله إنما هو عليه ، { وما أنت عليهم بوكيل } : أي فتجبرهم على الإيمان .

قال قتادة : بوكيل : بحفيظ .

وقال الزمخشري : للناس : لأجل حاجتهم إليه ، ليبشروا وينذروا .

فتقوى دواعيهم إلى اختيار الطاعة على المعصية ، فلا حاجة لي إلى ذلك ، فأنا الغني .

فمن اختار الهدى ، فقد نفع نفسه ؛ ومن اختار الضلالة ، فقد ضرها ، وما وكلت عليهم لتجبرهم على الهدى .

فإن التكليف مبني على الاختيار دون الإجبار .

انتهى ، وهو على مذهب المعتزلة .