التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَنَزَعَ يَدَهُۥ فَإِذَا هِيَ بَيۡضَآءُ لِلنَّـٰظِرِينَ} (108)

ثم حكى القرآن معجزة أخرى لموسى تشهد بصدقة فقال : { وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ } النزع : إخراج الشىء من مكانه . أى : وأخرج موسى يده من درعه بعد أن أدخلها فيه أو من طوق قميصه ، أو من إبطه فإذا هى بيضاء بياضاً عجيبا خارقا للعادة من غير أن يكون بها على من مرض أو غيره . قيل : إنه كان لها شعاع يغلب ضوء الشمس .

قال الآلوسى : قوله { فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ } أى : بيضاء بياضا نورانيا خارجا عن العادى يجتمع عليه النظار . وقيل المعنى : بيضاء لأجل النظار لا أنها بيضاء في اصل خلقتها ، لأنه - عليه السلام - كان آدم - أى أسمر - شديد الأدمة فقد أخرج البخارى عن عبد الله بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وأما موسى فآدم جثيم سبط كأنه من رجال الزط " وعنى صلى الله عليه وسلم بالزط جنسا من السودان والهنود .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَنَزَعَ يَدَهُۥ فَإِذَا هِيَ بَيۡضَآءُ لِلنَّـٰظِرِينَ} (108)

قال أبو جعفر : وأما قوله : وَنَزَعَ يَدَهُ فإذَا هِيَ بَيْضَاءُ للنّاظِرِينَ فإنه يقول : وأخرج يده فإذا هي بيضاء تلوح لمن نظر إليها من الناس ، وكان موسى فيما ذكر لنا آدم ، فجعل الله تحوّل يده بيضاء من غير برص له آية وعلى صدق قوله إنّي رَسُولٌ مِنْ رَبّ العالَمِينَ حُجّة .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا العباس ، قال : أخبرنا يزيد ، قال : حدثنا الأصبغ بن زيد ، عن القاسم بن أبي أيوب ، قال : ثني سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : أخرج يده من جيبه فرآها بيضاء من غير سوء يعني : من غير برص ثم أعادها إلى كمه ، فعادت إلى لونها الأوّل .

حدثني المثنى ، قال : قال : عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : بَيْضَاءُ للنّاظِرِينَ يقول : من غير برص .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : وَنَزَعَ يَدَهُ فإذَا هِيَ بَيْضَاءُ للنّاظِرِينَ قال : نزع يده من جيبه بيضاء من غير برص .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : وَنَزَعَ يَدَهُ أخرجها من جيبه ، فإذَا هِيَ بَيْضَاءُ للنّاظِرِينَ .

حدثني الحرث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا أبو سعد ، قال : سمعت مجاهدا يقول في قوله : وَنَزَعَ يَدَهُ قال : نزع يده من جيبه ، فإذَا هِيَ بَيْضَاءُ للنّاظِرِينَ وكان موسى رجلا آدم ، فأخرج يده ، فإذا هي بيضاء أشدّ بياضا من اللبن مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ، قال : من غير برص آية لفرعون .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَنَزَعَ يَدَهُۥ فَإِذَا هِيَ بَيۡضَآءُ لِلنَّـٰظِرِينَ} (108)

{ ونزع يده } من جيبه أو من تحت إبطه . { فإذا هي بيضاء للناظرين } أي بيضاء بياضا خارجا عن العادة تجتمع عليها النظارة ، أو بيضاء للنظار لا إنها كانت بيضاء في جبلتها . روي : أنه عليه السلام كان آدم شديد الأدمة ، فأدخل يده في جيبه أو تحت إبطه ثم نزعها فإذا هي بيضاء نورانية غلب شعاعها شعاع الشمس .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَنَزَعَ يَدَهُۥ فَإِذَا هِيَ بَيۡضَآءُ لِلنَّـٰظِرِينَ} (108)

نزع : أزال اتصال شيء عن شيء ، ومنه نزع ثوبه ، والمعنى هنا أنه أخرج يده من جيب قميصه بعد أن أدخلها في جيبه كما في سورة النمل وسورة القصص فلما أخرجها صارت بيضاء ، أي بياضاً من النور .

وقد دل على هذا البياض قوله : { للناظرين } ، أي بياضاً يراه الناظرون رؤية تعجب من بياضها . فالمقصود من ذكر قوله : { للناظرين } تتميم معنى البياض .

واللام في قوله : { للناظرين } لم يعرج المفسرون على بيان معناها وموقعها سوى أن صاحب « الكشاف » قال : « يتعلق للناظرين ببيضاء » دون أن يبين نوع التعلق ولا معنى اللام ، وسكت عليه « شراحه » والبيضاوي ، وظاهر قوله يتعلق أنه ظرف لغو تعلق ببيضاء فلعله لما في بيضاء من معنى الفعل كأنه قيل : ابيضّت للناظرين كما يتعلق المجرور بالمشتق فتعين أن يكون معنى اللام هو ما سماه ابن مالك بمعنى التعدية وهو يريد به تعدية خاصة ( لا مطلقَ التعدية أي تعدية الفعل القاصر إلى ما لا يتعدى له بأصل وضعه لأن ذلك حاصل في جميع حروف الجر ، فلا شك أنه أراد تعدية خاصة لم يبين حقيقتها . وقد مثل لها في « شرح الكافية » بقوله تعالى : { فهب لي من لدنك ولياً } [ مريم : 5 ] وجعل في « شرح التسهيل » هذا المثال مثالاً لمعنى شبه الملك ، واختار ابن هشام أن يمثل للتعدية بنحو ما أضرب زيداً لعمرو .

ولم يفصحوا عن هذه التعدية الخاصة باللام ، ويظهر لي أنها عمل لفظي محض ، أي لا يفيد معنى جزئياً كمعاني الحروف ، فتحصّل أنهم في ارتباك في تحقيق معنى التعدية ، وعندي أن قوله تعالى : { بيضاء للناظرين } أحسن ما يمثل به لكون اللام للتعدية وأن نفسر هذا المعنى بأنه تقريب المتعلّق بكسر اللام لمتعلّق بفتح اللام تقريباً لا يجعله في معنى المفعول به .

وإن شئت إرجاع معنى التعدية إلى أصل من المعاني المشهورة للام ، فالظاهر أنها من فروع معنى شبه الملك كما اقتضاه جعل ابن مالك المثال الذي مثل به للتعدية مثالاً لشبه الملك .

وأقرب من ذلك أن تكون اللام بمعنى ( عند ) ويكون مفاد قوله تعالى : { بيضاء للناظرين } أنها بيضاء بياضاً مستقراً في أنظار الناظرين ويكون الظرف مستقراً يجعل حالاً من ضمير يده .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَنَزَعَ يَدَهُۥ فَإِذَا هِيَ بَيۡضَآءُ لِلنَّـٰظِرِينَ} (108)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

فقال فرعون: فهل من آية غيرها؟ قال: نعم، فأخرج يده، وقال لفرعون: ما هذه؟ قال: هذه يدك، فأدخل موسى يده في جيبه... ثم أخرجها. فذلك قوله: {ونزع يده}، يعني أخرج يده من جيبه، {فإذا هي بيضاء للناظرين}، لها شعاع كشعاع الشمس يغشى البصر من شدة بياضها.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول: وأخرج يده فإذا هي بيضاء تلوح لمن نظر إليها من الناس، وكان موسى فيما ذكر لنا آدم، فجعل الله تحوّل يده بيضاء... له آية وعلى صدق قوله إنّي رَسُولٌ مِنْ رَبّ العالَمِينَ حُجّة.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

... {ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين} ذكر: نزع يده، ولم يذكر ممّاذا؟ فهو ما ذكر في آية أخرى {وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء} [النمل: 12] أي من غير أذى ولا آفة. وقال أهل التأويل: من غير برص. ولكن عندنا {من غير سوء} من غير أن تستقبح، أو تستقذر؛ لأن خروج الشيء عن خلقته وجوهره مما يستقذر. فأخبر أنها لم تكن كذلك. فإن قيل لنا: ما الحكمة في إدخال يده جيبه على ما هي عليها وإخراجه إياها بيضاء من غير أن كانت كذلك قبل أن يدخلها؟ وكذلك ما الحكمة في صيرورة العصا حية بعد ما طرحها على الأرض دون أن تصير حية، وهي في يده؟ قيل: ذلك، والله أعلم، إنه إنما أراهم آية بعد ما أخرج العصا عن سلطانه وتدبيره ليعلم أنها إنما صارت لا بتدبيره وتغييره، ولكن بالله عز وجل، وكذلك اليد صيّرها آية بعد ما غيّبها عن بصره، وتدبيره ليعلم أنها صارت كذلك لا بِه، ولكن بالله عز وجل الآية هي التي تخرج عن وسع الخلق وتدبيرهم...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

فلما رأى انقلابَ وصفٍ في يده عَلمَ أنه ليس بشيء من أمره بيده.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

المعنى: فإذا هي بيضاء للنظارة ولا تكون بيضاء للنظارة إلاّ إذا كان بياضا عجيباً خارجاً عن العادة، يجتمع الناس للنظر إليه كما تجتمع النظارة للعجائب...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أنه لما كان البياض كالعيب بين الله تعالى في غير هذه الآية أنه كان من غير سوء.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ما أعجب أمر هذين الخارقين العظيمين: أحدهما في نفسه وذلك اليد البيضاء، والآخر في غير نفسه وهى العصا التي يمسكها بيده، وجمع بذينك تبديل الذوات من الخشبية إلى الحيوانية، وتبديل الأعراض من السمرة إلى البياض الساطع، فكانا دالين على جواز الأمرين.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

نزع: أزال اتصال شيء عن شيء، ومنه نزع ثوبه، والمعنى هنا أنه أخرج يده من جيب قميصه بعد أن أدخلها في جيبه كما في سورة النمل وسورة القصص فلما أخرجها صارت بيضاء، أي بياضاً من النور.

وقد دل على هذا البياض قوله: {للناظرين}، أي بياضاً يراه الناظرون رؤية تعجب من بياضها. فالمقصود من ذكر قوله: {للناظرين} تتميم معنى البياض.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

وهكذا أراد موسى بإظهار هذه المعجزة أن يوضح هذه الحقيقة، وهي أن برامجه ليس لها جانب الترهيب والتهديد، بل الترهيب والتهديد للمخالفين والمعارضين، والتشويق والإصلاح والبناء والنورانية للمؤمنين.