التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَّقَدۡ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكۡرِ بَعۡدَ إِذۡ جَآءَنِيۗ وَكَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لِلۡإِنسَٰنِ خَذُولٗا} (29)

{ لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذكر بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي } أى : والله لقد أضلني هذا الصديق المشئوم عن الذكر أى : عن الهدى بعد إذ جاءني الرسول صلى الله عليه وسلم ، فالجملة الكريمة تعليل لتمنيه المذكور ، وتوضيح لتملله . وأكده بلام القسم للمبالغة فى بيان شدة ندمه وحسرته .

والمراد بالذكر هنا : ما يشمل القرآن الكريم ، وما يشمل غيره من توجيهات النبى صلى الله عليه وسلم وفى التعبير بقوله : { بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي } إشعار بأن هدى الرسول صلى الله عليه وسلم قد وصل إلى هذا الشقي ، وكان فى إمكانه أن ينتفع به .

ثم ختم - سبحانه - الآية بقوله : { وَكَانَ الشيطان لِلإِنْسَانِ خَذُولاً } أي : وكان الشيطان دائما وأبدا خذولا للإنسان . أي : صارفا إياه عن الحق ، محرضا له على الباطل ، فإذا ما احتاج الإنسان إليه خذله وتركه وفر عنه وهو يقول : إنى برىء منك .

يقال : خذل فلان فلانا ، إذا ترك نصرته بعد أن وعده بها .

وهكذا تكون عاقبة الذين يتبعون أصدقاء السوء ، وصدق الله إذ يقول : { الأخلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ المتقين } ومن الأحاديث التى وردت فى الأمر باتخاذ الصديق الصالح ، وبالنهي عن الصديق الطالح ، ما رواه الشيخان عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " مثل الجليس الصالح وجليس السوء ، كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك إما أن يحذيك وإمّا أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، ونافخ الكير ، إما أن يحرق ثوبك ، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة " .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَّقَدۡ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكۡرِ بَعۡدَ إِذۡ جَآءَنِيۗ وَكَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لِلۡإِنسَٰنِ خَذُولٗا} (29)

وقوله : " لَقَدْ أضَلّنِي عَنِ الذّكْرِ بَعْدَ إذْ جاءَنِي " يقول جلّ ثناؤه مخبرا عن هذا النادم على ما سلف منه في الدنيا من معصية ربه في طاعة خليله : لقد أضلني عن الإيمان بالقرآن ، وهو الذكر ، بعد إذ جاءني من عند الله ، فصدّني عنه . يقول الله : " وكانَ الشّيْطانُ للإنْسانِ خَذُولاً " يقول : مسلّما لما يَنزل به من البلاء غير منقذه ولا منجيه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَّقَدۡ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكۡرِ بَعۡدَ إِذۡ جَآءَنِيۗ وَكَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لِلۡإِنسَٰنِ خَذُولٗا} (29)

{ لقد أضلني عن الذكر } عن ذكر الله أو كتابه أو موعظة الرسول ، أو كلمة الشهادة . { بعد إذ جاءني } وتمكنت منه . { وكان الشيطان } يعني الخليل المضل أو إبليس لأنه حمله على مخالته ومخالفة الرسول ، أو كل من تشيطن من جن وإنس . { للإنسان خذولا } يواليه حتى يؤديه إلى الهلاك ثم يتركه ولا ينفعه ، " فعول " من الخذلان .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَّقَدۡ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكۡرِ بَعۡدَ إِذۡ جَآءَنِيۗ وَكَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لِلۡإِنسَٰنِ خَذُولٗا} (29)

و { الذكر } ، هو ما ذكر به الإنسان أمر آخرته من قرآن أو موعظة ونحوه ، وقوله : { وكان الشيطان للإنسان خذولاً } يحتمل أن يكون من قول { الظالم } ويحتمل أن يكون ابتداء إخبار من الله تعالى على جهة الدلالة على وجه ضلالتهم والتحذير من الشيطان الذي بلغهم ذلك المبلغ .