الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{لَّقَدۡ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكۡرِ بَعۡدَ إِذۡ جَآءَنِيۗ وَكَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لِلۡإِنسَٰنِ خَذُولٗا} (29)

{ لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ } يعني القرآن والرسول { بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ } وهو كلّ متمرّد عات من الجانّ ، وكلّ من صدَّ عن سبيل الله وأُطيع في معصيته فهو شيطان { لِلإِنْسَانِ خَذُولاً } عند نزول البلاء والعذاب به .

وحكم هذه الآيات عامّ في كلّ متحابّين اجتمعا على معصية الله ، لذلك قال بعض العلماء : أنشدنيه أبو القاسم الحسن بن محمد بن جعفر قال : أنشدني أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الصديق قال : أنشدنا أبو وائلة عبد الرحمن بن الحسين :

تجنّبْ قرين السوء واصرم حباله *** فإن لم تجد عنه محيصاً فداره

وأحبب حبيب الصدق واحذر مراءه *** تنل منه صفو الودّ ما لم تماره

وفي الشيب ما ينهى الحليم عن الصبا *** إذا اشتعلت نيرانه في عذاره

وأنشدني أبو القاسم الحبيبي قال : أنشدني أبو بكر محمد بن عبد الله الحامدي :

اصحبْ خيار الناس حيث لقيتهم *** خير الصحابة من يكون عفيفاً

والناس مثل دراهم ميزّتها *** فوجدت فيها فضّة وزيوفا

وأخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن جعفر المفسّر قال : حدّثنا أبو سعيد عبد الرَّحْمن ابن محمد بن حسكا قال : حدّثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال : حدّثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال : حدّثنا عبد الواحد بن زياد قال : حدّثنا عاصم عن أبي كبشة قال : سمعت أبا موسى يقول على المنبر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مثل الجليس الصالح مثل العطار إنْ لم ينلك يعبقُ بك من ريحه ، ومثل الجليس السوء مثل القين إنْ لم يحرق ثيابك يعبق بك من ريحه " .

وحدَّثنا أبو القاسم بن حبيب لفظاً سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة قال : أخبرنا أبو حاتم محمد ابن حيان بن أحمد قال : أخبرنا محمد بن أبي علي الخلادي قال : حدّثنا عبد الله بن الصقر السكري قال : حدّثنا وهب بن محمد النباتي قال : سمعت الحرث بن وجيه يقول : سمعت مالك ابن دينار يقول : إنك إن تنقل الحجارة مع الأبرار خير من أن تأكل الخبيص مع الفجّار .