فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَّقَدۡ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكۡرِ بَعۡدَ إِذۡ جَآءَنِيۗ وَكَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لِلۡإِنسَٰنِ خَذُولٗا} (29)

{ لَقَدْ } أي : والله لقد { أَضَلَّنِي } هذا الذي اتخذته خليلا ، تعليل لتنمية المذكور ، وتوضيح لتعلله ، وتصديره باللام القسمية للمبالغة في بيان خطئه وإظهار ندمه وحسرته . { عَنِ الذِّكْرِ } أي : القرآن أو كتاب الله ، أو ذكره ، أو الموعظة ، أو كلمة الشهادة ، أو مجموع ذلك .

{ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي } وتمكنت منه وقدرت عليه بأن ردني عن الإيمان به { وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولا } بأن يتركه ، ويتبرأ منه عند البلاء ، والخذل : ترك الإغاثة ، ومنه خذلان إبليس للمشركين ، حيث يوالونه ، ثم يتركهم عند استغاثتهم به ، وهذه الجملة مقررة لمضمون ما قبلها ، ويحتمل أن تكون من كلام الله تعالى ، أو من تمام كلام الظالم ، وأنه سمى خليله شيطانا بعد أن جعله مضلا ، أو أراد بالشيطان إبليس ، لكونه الذي حمله على مخاللة المضلين .