التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ وَكَانَ عَرۡشُهُۥ عَلَى ٱلۡمَآءِ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۗ وَلَئِن قُلۡتَ إِنَّكُم مَّبۡعُوثُونَ مِنۢ بَعۡدِ ٱلۡمَوۡتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (7)

ثم ساق - سبحانه - ما يشهد بعظيم قدرته فقال - تعالى - : { وَهُوَ الذي خَلَق السماوات والأرض فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ . . . } .

والأيام جمع يوم ، والمراد به هنا مطلق الوقت الذى لا يعلم مقداره إلا الله - تعالى - .

أى : وهو - سبحانه - الذى أنشأ السموات والأرض وما بينهما ، على غير مثال سابق ، فى ستة أيام من أيامه - تعالى - ، التى لا يعلم مقدار زمانها إلا هو .

وقيل : أنشأهن فى مقدار ستة أيام من أيام الدنيا .

قال سعيد بن جبير - رضى الله عنه - : كان الله قادرا على خلق السموات والأرض وما بينهما فى لمحة ولحظة ، فخلقهن فى ستة أيام ، تعليما لعباده التثبت والتأنى فى الأمور .

وقد جاءت آيات تدل على أنه - سبحانه - خلق الأض فى يومين ، وخلق السموات فى يومين وخلق ما بينهما فى يومين ، وهذه الآيات هى قوله - تعالى - : { قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بالذي خَلَقَ الأرض فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ العالمين . وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا في أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ . ثُمَّ استوى إِلَى السمآء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائتيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ . فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وأوحى فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا . . . } وجملة { وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المآء } اعتراضية بين قوله { خَلَق السماوات والأرض } وبين { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } ويجوز أن تكون حالية من فاعل خلق وهو الله - تعالى - وعرش الله - تعالى - من الألفاظ التى لا يعلمها البشر إلا بالاسم . وقد جاء ذكر العرش فى القرآن الكريم إحدى وعشرين مرة .

ونحن مكلفون بأن نؤمن بأن له - سبحانه - عرشا ، أما كيفيته فنفوض علمها إليه - تعالى - .

والمعنى : أن الله - تعالى - خلق السموات والأرض فى ستة أيام ، وكان عرشه قبل خلقهما ليس تحته شئ سوى الماء .

قالوا : وفى ذلك دليل على أن العرش والماء كانا موجودين قبل وجود السموات والأرض .

قال القرطبي : قوله : { وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المآء } بين - سبحانه - أن خلق العرش والماء ، كان قبل خلق الأرض والسماء . . .

ثم قال : وروى البخارى عن عمران بين حصين قال كنت عند النبى - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه قوم من بنى تميم فقال : " " اقبلوا البشرى يا بنى تميم " قالوا : بشرتنا فأعطنا . فدخل ناس من أهل اليمن فقالوا : جئنا لنتفقه فى الدين ، ولنسألك عن هذا الدين ونسألك عن أول هذا الأمر .

قال : " إن الله ولم يكن شئ غيره ، وكان عرشه على الماء . ثم خلق السموات والأرض ، وكتب فى الذكر كل شئ " " .

وقال ابن كثير بعد هذا الحديث وغيره : وفى صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو ابن العاص قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، وكان عرشه على الماء " .

وروى الإِمام أحمد عن لقيط بن عامر العقبلى قال : قلت يا رسول الله ، أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه ؟ قال : كان فى عماء ، ما تحته هواء ، وما فوقه هواء ، ثم خلق العرش بعد ذلك .

والعلماء : السحاب الرقيق ، أى فوق سحاب مدبرا له ، وعاليا عليه ، والسحاب ليس تحته سوى الهواء ، وليس فوقه سوى الهواء . والمراد أنه ليس مع الله - تعالى - شئ آخر .

وقوله - سبحانه - { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } جملة تعليلية . ويبلوكم من الابتلاء بمعنى الاختبار والامتحان .

أى : خلق ما خلق من السموات والأرض وما فيهما من كائنات ، ورتب فيهما جميع ما تحتاجون إليه من أسباب معاشكم ، ليعاملكم معاملة من يختبر غيره ، ليتميز المحسن من المسئ ، والمطيع من العاصى ، فيجازى المسحنين والطائعين بما يستحقون من ثواب ، ويعاقب المسيئين والعاصين بما هم أهله من عقاب .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : كيف قيل : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } وأعمال المؤمنين هى التي تتفاوت إلى حسن وأحسن ، فأما أعمال المؤمنين والكافرين فتفاوتها إلى حسن وقبيح ؟ قلت : الذين هم أحسن عملا هم المتقون وهم الذين استبقوا إلى تحصيل ما هو مقصود الله - تعالى - من عباده ، فخصهم بالذكر ، واطرح ذكر من وراءهم ، تشريفا لهم ، وتنبيها على مكانهم منه ، وليكون ذلك لطفا للسامعين ، وترغيبا فى حياة فضلهم .

ثم ختم - سبحانه - الآية الكريمة ببيان موقف الكافرين من البعث والحساب فقال : { وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الموت لَيَقُولَنَّ الذين كفروا إِنْ هاذآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } .

أى : ولئن قلت يا محمد لهؤلاء الكافرين الذين أرسلك الله لإِخراجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإِيمان ، لئن قلت لهم { إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ } يوم القيامة { مِن بَعْدِ الموت } الذى سيدرككم فى هذه الدنيا عند نهايكم آجالكم { لَيَقُولَنَّ } لك هؤلاء الكافرون على سبيل الأنكار والتهكم ما هذا الذى تقوله يا محمد { إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } أى : إلا سحر واضح جلى ظاهر لا لبس فيه ولا غموض .

وقرأ حمزة والكسائى وخلف { إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } فتكون الإِشارة بقوله { هذا } إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أى : أنه فى زعمهم يقول كلاما ليسحرهم به ، وليصرفهم عما كان عليه آباؤهم وأجدادهم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ وَكَانَ عَرۡشُهُۥ عَلَى ٱلۡمَآءِ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۗ وَلَئِن قُلۡتَ إِنَّكُم مَّبۡعُوثُونَ مِنۢ بَعۡدِ ٱلۡمَوۡتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (7)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَهُوَ الّذِي خَلَق السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتّةِ أَيّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنّكُمْ مّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنّ الّذِينَ كَفَرُوَاْ إِنْ هََذَآ إِلاّ سِحْرٌ مّبِينٌ } .

يقول تعالى ذكره : الله الذي إليه مرجعكم أيها الناس جميعا هُوَ الّذِي خَلَقَ السّمَوَاتِ والأَرْضَ في سِتّةِ أيّامٍ يقول : أفيعجز من خلق ذلك من غير شيء أن يعيدكم أحياء بعد أن يميتكم ؟ وقيل : إن الله تعالى ذكره خلق السموات والأرض وما فيهنّ في الأيام الستة ، فاجتزى في هذا الموضع بذكر خلق السموات والأرض من ذكر خلق ما فيهنّ .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني إسماعيل بن أميّة ، عن أيوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع ، مولى أمّ سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ، فقال «خَلَقَ اللّهُ التّرْبَةَ يَوْمَ السّبْتِ ، وَخَلَقَ الجِبَالَ فِيها يَوْمَ الأحَدِ ، وَخَلَقَ الشّجَرَ فِيها يَوْمَ الاثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ المَكْرُوهَ يَوْمَ الثّلاثاءِ ، وَخَلَقَ النّورَ يَوْمَ الأرْبِعاءِ ، وَبَثّ فِيها مِنْ كُلّ دَابّةٍ يَوْمَ الخَمِيسِ ، وَخَلَقَ آدَمَ بَعْدَ العَصْرِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ فِي آخِرِ الخَلْقِ فِي آخِرِ ساعاتِ الجُمُعَةِ فِيما بينَ العَصْرِ إلى اللّيْلِ » .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : فِي سِتّةِ أيّامٍ قال : بدأ خلق الأرض في يومين ، وقدر فيها أقواتها في يومين .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي صالحّ ، عن كعب ، قال : بدأ الله خلق السموات والأرض يوم الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس ، وفرغ منها يوم الجمعة ، فخلق آدم في آخر ساعة من يوم الجمعة قال : فجعل مكان كلّ يوم ألف سنة .

وحُدثت عن المسيب بن شريك ، عن أبي رَوْق ، عن الضحاك : وَهُوَ الّذِي خَلَقَ السّموَاتِ والأرْضَ فِي سِتّةِ أيّامٍ قال : من أيام الاَخرة ، كلّ يوم مقداره ألف سنة ابتدأ في الخلق يوم الأحد ، وختم الخلق يوم الجمعة فسميت الجمعة ، وسَبَتَ يومَ السبت فلم يخلق شيئا .

وقوله : وكانَ عَرْشُهُ على المَاءِ يقول : وكان عرشه على الماء قبل أن يخلق السموات والأرض وما فيهن . كما :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : وكانَ عَرْشُهُ على المَاءِ قبل أن يخلق شيئا .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، نحوه .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : وكانَ عَرْشُهُ على المَاءِ ينبئكم ربكم تبارك وتعالى كيف كان بدء خلقه قبل أن يخلق السموات والأرض .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : وكانَ عَرْشُهُ على المَاءِ قال : هذا بدء خلقه قبل أن يخلق السماء والأرض .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن يعلى بن عطاء ، عن وكيع بن حدس ، عن عمه أبي رزين العقيلي ، قال : قلت : يا رسول الله ، أين كان ربنا قبل أن يخلق السموات والأرض ؟ قال : «فِي عَماءٍ ما فَوْقَهُ هَوَاءٌ وما تَحْتَهُ هَوَاءٌ ، ثُمّ خَلَقَ عَرْشَهُ على المَاءِ » .

حدثنا ابن وكيع ومحمد بن هارون القطان الرازقي قالا : حدثنا يزيد بن هارون ، عن حماد بن سلمة ، عن يعلى بن عطاء ، عن وكيع بن حدس ، عن عمه أبي رزين . قال : قلت : يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه ؟ قال : «كانَ فِي عَماءٍ ما فَوْقَهُ هَوَاءٌ ، وَما تَحْتَهُ هَوَاءٌ ، ثُمّ خَلَقَ عَرْشَهُ على المَاءِ » .

حدثنا خلاد بن أسلم ، قال : أخبرنا النضر بن شميل ، قال : أخبرنا المسعودي ، قال : أخبرنا جامع بن شدّاد ، عن صفوان بن محرز ، عن ابن حصين وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتى قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخلوا عليه ، فجعل يبشرهم ويقولون : أعطنا حتى ساء ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم خرجوا من عنده ، وجاء قوم آخرون فدخلوا عليه ، فقالوا : جئنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونتفقّه في الدين ، ونسأله عن بدء هذا الأمر ، قال : «فاقْبَلُوا البُشْرَى إذْ لَمْ يَقْبَلْها أُولَئِكَ الّذِينَ خَرَجُوا » قالوا : قبلنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كانَ اللّهُ وَلا شَيْءَ غيرُهُ ، وكانَ عَرْشُهُ على المَاءِ ، وكَتَبَ فِي الذّكْرِ قَبْلَ كُلّ شَيْءٍ ، ثُمّ خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ » . ثُمّ أتاني آت ، فقال : تلْكَ ناقَتُكَ قَدْ ذَهَبَتْ ، فَخَرَجْتُ يَنْقَطِطِعُ دُوَنها السّرابُ وَلَوَدِدْتُ أنّي تَرَكْتُها .

حدثنا محمد بن منصور ، قال : حدثنا إسحاق بن سليمان ، قال : حدثنا عمرو بن أبي قيس ، عن ابن أبي ليلى ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، في قوله : وكانَ عَرْشُهُ على المَاءِ قال : كان عرش الله على الماءُ ثم اتخذ لنفسه جنة ، ثم اتخذ دونها أخرى ، ثم أطبقهما بلؤلؤة واحدة ، قال : ومِنْ دُونِهِمَا جَنّتَانِ قال : وهي التي لا تَعْلَمُ نَفْسٌ أو قال : وهما التي لا تعلم نفس ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بما كَانُوا يَعْمَلُونَ . قال : وهي التي لا تعلم الخلائق ما فيها أو ما فيهما يأتيهم كلّ يوم منها أو منهما تحفة .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن سعيد بن جبير ، قال سئل ابن عباس عن قول الله : وكانَ عَرْشُهُ على المَاءِ قال : على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير قال : سئل ابن عباس عن قوله تعالى : وكانَ عَرْشُهُ على المَاءِ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن سعيد ، عن ابن عباس ، مثله .

قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا مبشر الحلبي ، عن أرطاة بن المنذر ، قال : سمعت ضمرة يقول : إن الله كان عرشه على الماء ، وخلق السموات والأرض بالحقّ ، وخلق القلم فكتب به ما هو خالق وما هو كائن من خلقه ، ثم إن ذلك الكتاب سبح الله ومجده ألف عام قبل أن يخلق شيئا من الخلق .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، قال : ثني عبد الصمد بن معقل ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : إن العرش كان قبل أن يخلق الله السموات والأرض ، ثم قبض قبضة من صفاء الماء ، ثم فتح القبضة فارتفع دخان ، ثم قضاهنّ سبع سموات في يومين ، ثم أخذ طينة من الماء فوضعها مكان البيت ، ثم دحا الأرض منها ، ثم خلق الأقوات في يومين والسموات في يومين وخلق الأرض في يومين ، ثم فرغ من آخر الخلق يوم السابع .

وقوله : لَيَبْلُوَكُمْ ايّكمْ أحْسَنُ عَمَلا يقول تعالى ذكره : وهو الذي خلق السموات والأرض أيها الناس ، وخلقكم في ستة أيام ، ليبلوكُمْ يقول : ليختبركم ، أيّكم أحسنُ عملاً يقول : أيكم أحسن له طاعة . كما :

حدثنا عن داود بن المحبر ، قال : حدثنا عبد الواحد بن زيد ، عن كليب بن وائل ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم : أنه تلا هذه الآية : ليَبْلُوَكُمْ أيّكُمْ أحْسَنُ عَمَلاً قال : «أيّكُمْ أحْسَنُ عَقْلاً ، وأوْرَعُ عَنْ مَحَارِمِ اللّهِ وأسْرَعُ فِي طاعَةِ اللّهِ » .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : ليَبْلُوَكُمْ أيّكُمْ أحْسَنُ عَمَلاً يعني الثقلين . )

وقوله : وَلَئِنْ قُلْتَ إنّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ المَوْتِ لَيَقُولَنّ الّذِينَ كَفَرُوا إنْ هَذَا إلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ . يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ولئن قلت لهؤلاء المشركين من قومك إنكم مبعوثون أحياء من بعد مماتكم فتلوت عليهم بذلك تنزيلي ووحيي ، ليقولن إن هذا إلا سحر مبين أي ما هذا الذي تتلوه علينا مما تقول إلا سحر لسامعه ، مبين حقيقته أنه سحر . وهذا على تأويل من قرأ ذلك : إنْ هَذَا إلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ وأما من قرأ : «إنْ هَذَا إلاّ ساحِرٌ مُبِينٌ » فإنه يوجه الخبر بذلك عنهم إلى أنهم وصفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه فيما أتاهم به من ذلك ساحر مبين . وقد بيّنا الصواب من القراءة في ذلك في نظائره فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته ههنا .