التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ٱلۡكِبَرِ إِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَۚ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ} (39)

ثم حكى - سبحانه - ما قاله إبراهيم - عليه السلام - فى مقام شكره لله على نعمه فقال - تعالى - : { الحمد للَّهِ الذي وَهَبَ لِي عَلَى الكبر إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدعآء } .

والحمد هو الثناء باللسان على من صدرت منه النعمة ، وأل فيه للاسغراق أى : جميع أجناس الحمد ثابتة لله رب العالمين ، لأن كل ما يستحق أن يقابل بالثناء والحمد فهو صادر عنه - سبحانه - إذ هو الخالق لكل شئ .

وعلى فى قوله { عَلَى الكبر } للاستعلاء المجازى وهى بمعنى مع . أى : وهب لى مع الكبر الذى لا تحصل معه فى الغالب ولادة .

وإسماعيل هو الابن الأكبر لإبراهيم ، وقد رزقه الله به من زوجه هاجر كما سبق أن أشرنا - ، أما إسحاق فكان أصغر من إسماعيلل ، وقد رزقه الله به من زوجه ساره .

قال الفخر الرازى : " اعلم أن القرآن يدل على أنه - تعالى - إنما أعطى إبراهيم - عليه السلام - هذين الولدين على الكبر والشيخوخة ، فأما مقدار ذلك السن فغير معلوم من القرآن . وإنما يرجع فيه الروايات فقيل لما ولد إسماعيل كان سن إبراهيم تسعا وتسعين سنة ، ولما ولد إسحاق كان سنه مائة واثنتى عشرة سنة .

وإنما ذكر قوله { إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدعآء } تعليل لجملة { وَهَبَ لِي عَلَى الكبر } أى : وهب لى على الكبر هذين الولدين ، لأنه - سبحانه - سمع دعائى وتقبله ، وأجاب طلبى دون أن يخيبنى .

فالسميع هنا مستعمل على سبيل المجاز فى إجابة المطلوب ، ومنه قول القائل : سمع الملك كلام فلان ، إذا اعتد به وقبله وعمل بمقتضاه ، وهو من إضافة الصفة المتضمنة للمبالغة إلى المفعول . أى : إن ربى يسمع دعائى ويجيبه .