ولما تم إبراهيم عليه السلام ما دعا به أتبعه الحمد على ما رزقه من النعم بقوله تعالى : { الحمد لله } ، أي : المستجمع لصفات الكمال { الذي وهب لي } ، أي : أعطاني { على الكبر } ، أي : وهب لي وأنا كبير آيس من الولد ، قيد الهبة بحال الكبر استعظاماً للنعمة وإظهاراً لما فيه من المعجزة { إسماعيل وإسحاق } ومقدار ذلك السنّ غير معلوم من القرآن وإنما يرجع فيه إلى الروايات ، فقال ابن عباس : ولد إسماعيل لإبراهيم وهو ابن تسع وتسعين سنة ، وولد له إسحاق وهو ابن مئة واثنتي عشرة سنة .
فإن قيل : إنّ إبراهيم عليه السلام إنما ذكر هذا الدعاء عندما أسكن إسماعيل وأمّه في ذلك الوادي ، وفي ذلك الوقت ما ولد إسحاق ، فكيف يمكنه أن يقول ذلك ؟ أجيب : بأن هذا يقتضي أنّ إبراهيم إنما ذكر هذا الكلام في زمن آخر لا عقب ما تقدّم من الدعاء . قال الرازي : ويمكن أيضاً أن يقال : إنه عليه السلام إنما ذكر هذا الدعاء بعد كبر إسماعيل وظهور إسحاق ، وإن كان ظاهر الروايات بخلافه انتهى . تنبيه : قوله { على الكبر } بمعنى مع كقوله :
إني على ما ترين من كبري *** أعلم من حيث يؤكل الكتف
وهو في موضع الحال . ولما ذكر الدعاء على سبيل الرمز والتعريض لا على وجه الإفصاح والتصريح قال : { إنّ ربي } ، أي : المحسن إليّ { لسميع الدعاء } ، أي : لمجيبه . فإن قيل : الله تعالى يسمع كل دعاء أجابه أو لم يجبه ؟ أجيب : بأن هذا من قولك : سمع الملك كلامي إذا اعتدّ به وقبله ، ومنه سمع الله لمن حمده .
المطلوب الخامس : قوله : { رب اجعلني مقيم الصلاة } ، أي : معدّلاً لها مواظباً عليها .
تنبيه : في الآية دليل على أنّ أفعال العباد مخلوقة لله تعالى ؛ لأنّ قوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام { واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام } يدل على أنّ ترك المنهيات لا يحصل إلا من الله تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.