نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ٱلۡكِبَرِ إِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَۚ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ} (39)

ولما تم ما دعا به من النزاهة عن رجاسة الشرك وتبين بتقديمه أن أهم المهمات البراءة منه ، أتبعه الحمد على ما رزق من النعم وما تبع ذلك من الإشارة إلى وجوب الشكر فقال : { الحمد لله } أي المستجمع لصفات الكمال { الذي وهب } والهبة : عطية تمليك من غير عقد ، منّاً منه { لي } حال كوني مستعلياً{[45191]} { على الكبر } ومتمكناً{[45192]} منه على يأس من الولد { إسماعيل } الذي أسكنته هنا{[45193]} { وإسحاق } وهذا يدل على ما تقدم فهمي له من أن هذا الدعاء كان بعد بناء البيت وطمأنينته{[45194]} بإسحاق عليه السلام ، عن ابن عباس رضي الله عنهما{[45195]} أن سنه{[45196]} كان عند ولادة إسماعيل عليه السلام{[45197]} تسعاً وتسعين سنة ، وعند ولادة إسحاق عليه السلام كان مائة سنة واثنتي عشرة{[45198]} سنة .

ولما كان إتيان الولد له{[45199]} في سن لا يولد فيه لمثله ، وجميع{[45200]} ما دعا به{[45201]} من الخوارق فوجوده لا يكاد يصدق ، أشار إلى ذلك بتأكيد قوله : { إن ربي } أي المحسن إليّ { لسميع الدعاء * } أي من شأنه إجابة الدعاء على الوجه الأبلغ تعريضاً بالأنداد وإشارة{[45202]} إلى ما تضمنه تأسفه على العقم{[45203]} ، فقد تقدم في سورة البقرة عن التوراة{[45204]} أنه لما خلّص{[45205]} ابن أخيه{[45206]} لوطاً{[45207]} من الأسر قال له{[45208]} الله : يا إبراهيم ! أنا أكانفك وأساعدك لأن ثوابك قد جزل{[45209]} ، فقال إبرم : اللهم ربي ! ما الذي تنحلني{[45210]} وأنا خارج من الدنيا بلا نسل ويرثني اليعازر غلامي الدمشقي ؟ فقال له الرب : لا يرثك هذا ، بل{[45211]} ابنك الذي يخرج من صلبك فهو يرثك ، وقال له : انظر إلى السماء وأحص النجوم إن كنت تقدر أن تحصيها ، فكذلك تكون{[45212]} ذريتك ، فآمن إبرم{[45213]} بالله .


[45191]:زيد من ظ و م ومد.
[45192]:في مد: تمكنا.
[45193]:في ظ: هو.
[45194]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: بطمأنينته.
[45195]:راجع لباب التأويل 4/41.
[45196]:في ظ: سببه، وفي م: سنته- كذا.
[45197]:زيد بعده في الأصل و ظ ومد: كان، ولم تكن الزيادة في م فحذفناها.
[45198]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: عشر.
[45199]:زيد من ظ و م ومد.
[45200]:في ظ: جمع.
[45201]:زيد من ظ و م ومد.
[45202]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: أشار.
[45203]:في ظ: العتم.
[45204]:راجع الأصحاح الخامس عشر من باب التكوين.
[45205]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[45206]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[45207]:زيد من ظ و م ومد.
[45208]:زيد من م.
[45209]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: غرك، وزيد في ظ: لي.
[45210]:من م ومد، وفي الأصل: تنجلي، وفي ظ: تنجلني
[45211]:زيد بعده في كافة الأصول: يرثك، ولم تكن الزيادة في التوراة فحذفناها.
[45212]:في ظ و م ومد: يكون في .
[45213]:في مد: إبراهيم.