الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ٱلۡكِبَرِ إِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَۚ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ} (39)

قوله تعالى : { عَلَى الْكِبَرِ } : فيه وجهان ، أحدُهما : أنَّ " على " على بابها من الاستعلاءِ المجازيِّ . والثاني : أنها بمعنى مع كقوله :

إنِّي على ما تَرَيْنَ من كِبَري *** أعلمُ مِنْ تُؤْكَلُ الكَتِفَ

قاله الزمخشري . ومحلُّ هذا الجارِّ النصبُ على الحالِ من الباء في " هَبْ لي " .

قوله : { لَسَمِيعُ الدُّعَآءِ } فيه أوجه ، أحدُها : أن يكون فعيل مثالَ مبالغةٍ مضافاً إلى مفعولِه ، وإضافتُه مِنْ نصبٍ ، وهذا دليلٌ لسيبويه على أن فَعِيلاً يعملُ عملَ اسمِ الفاعل ، وإن كان قد خالف جمهور البصريين والكوفيين .

الثاني : انَّ الإِضافةَ ليسَتْ مِنْ نصبٍ ، وإنما هو كقولك : " هذا ضاربُ زيدٍ أمس " . الثالث : أنَّ سميعاً مضافٌ لمرفوعه ويُجْعَلُ دعاءُ الله سميعاً على المجاز ، والمراد سماع الله ، قاله الزمخشري .

قال الشيخ : " وهو بعيدٌ لاستلزامِهِ أن يكونَ من الصفة المشبهة والصفةُ متعديةُ ، وهذا إنما يتأتَّى على قولِ الفارسيِّ فإنه يُجيز أن تكونَ الصفةُ المشبهة من الفعلِ المتعدِّي بشرطِ أَمْنِ اللَّبْس نحو : " زيد ظالمُ العبيد " إذا عُلِم أن له عبيداً ظالمين ، وأمَّا هنا فالَّبْسُ حاصلٌ ؛ إذ الظاهرُ أنه من إضافةِ المثالِ للمفعولِ لا للفاعل " .

قلت : واللَّبْسُ أيضاً هنا مُنْتَفٍ لأن المعنى على الإِسناد المجازي كما تقرَّر فانتفى اللَّبْسُ .