إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ٱلۡكِبَرِ إِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَۚ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ} (39)

{ الحمد للَّهِ الذي وَهَبَ لي عَلَى الكبر } أي مع كِبَري ويأسي عن الولد ، قيّد الهبةَ به استعظاماً للنعمة وإظهاراً لشكرها { إسماعيل وإسحق } رُوي أنه وُلد له إسماعيلُ وهو ابنُ تسعٍ وتسعين سنة ، وولد له إسحاقُ وهو ابن مائةٍ واثنتي عشرة سنة أو مائة وسبعَ عشرة سنة .

{ إِنَّ رَبّى } ومالكَ أمري { لَسَمِيعُ الدعاء } لمجيبُه ، من قولهم : سمِع الملكُ كلامَه إذا اعتدّ به ، وهي من أبنية المبالغةِ العاملة عمَلَ الفعل أُضيف إلى مفعولِه أو فاعلِه بإسناد السماعِ إلى دعاء الله تعالى مجازاً ، وهو مع كونه من تتمة الحمدِ والشكر إذ هو وصفٌ له تعالى بأن ذلك الجميلَ سنّته المستمرّةُ تعليلٌ على طريقة التذييل للهبة المذكورة ، وفيه إيذانٌ بتضاعف النعمة فيها حيث وقعت بعد الدعاءِ بقوله : { رَبّ هَبْ لي مِنَ الصالحين } فاقترنت الهبةُ بقبول الدعوةِ ، وتوحيدُ ضمير المتكلم وإن كان عَقيبَ ذكرِ هبتهما لما أن نعمةَ الهبةِ فائضةٌ عليه خاصة وهما من النعم لا من المنعَم عليهم .