التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{مَّا تَسۡبِقُ مِنۡ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسۡتَـٔۡخِرُونَ} (5)

وجملة { مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ } بيان لجملة { إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ } لتأكيد التحديد ، في بدئه وفى نهايته .

وحذف متعلق { يستأخرون } للعلم به ، أى : وما يستأخرون عنه .

والآيتان الكريمتان تدلان بوضوح ، على أن إمهال الظالمين ليس معناه ترك عقابهم ، وإنما هو رحمة من الله بهم لعلهم أن يثوبوا إلى رشدهم ، ويسلكوا الطريق القويم . . .

فإذا ما لجوا في طغيانهم ، حل بهم عقاب الله - تعالى - في الوقت المحدد في علمه - سبحانه - .

قال صاحب الظلال : ولقد يقال : إن أمما لا تؤمن ولا تحسن ولا تصلح ولا تعدل . وهى مع ذلك قوية ثرية باقية ، وهذا وهم .

فلا بد من بقية من خير في هذه الأمم ، ولو كان هو خير العمارة للأرض ، وخير العدل في حدوده الضيقة بين أبنائها ، وخير الإصلاح المادى والإِحسان المحدود بحدودها .

فعلى هذه البقية من الخير تعيش حتى تستنفدها ، فلا تبقى فيها من الخير بقية ثم تنتهى حتما إلى المصير المعلوم . إن سنة الله لا تتخلف . ولكل أمة أجل معلوم .