اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{مَّا تَسۡبِقُ مِنۡ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسۡتَـٔۡخِرُونَ} (5)

قوله : { مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا } " مِنْ أمةٍ " فاعل " تَسْبِقُ " ، و " مِنْ " مزيدة للتأكيد ؛ كقولك : ما جَاءنِي من أحَدٍ .

قال الواحدي : " وقيل : ليست بزائدةٍ ؛ لأنَّها تفيد التبعيض ، أي : هذا الحكم لم يحصل في بعض من أبعاض هذه الحقيقة ، فيكون ذلك في إفادة عموم النَّفي ، آكد " .

قال الزمخشري{[19446]} : " معنى : " سَبَقَ " : إذا كان واقعاً على شخصٍ ، كان معناه أنَّه [ جاز ]{[19447]} ، وخلف ؛ كقولك : سَبَقَ زيدٌ عمْراً ، أي : جَاوزَهُ وخَلفهُ وراءهُ ، ومعناه : أنه قصَّر عنه وما بلغه ، وإذا كان واقعاً على زمانٍ ، كان بالعكس في ذلك ، كقولك : سَبق فُلانٌ عام كذا ، معناه : أنه مضى قبل إتيانه ، ولم يبلغه ، فقوله : { مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ } معناه : أنه لا يحصل الأجل قبل ذلك الوقت ولا بعده ، وإنَّما يحصل في ذلك الوقت بعينه " .

وحمل على لفظ " أمَّةٍ " في قوله : " أجَلهَا " ، فأفرد وأنَّث ، وعلى معناها في قوله : { وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ } ، فجمع وذكَّر ، وحذف متعلق " يَسْتَأخِرُون " وتقديره : عنه ؛ للدلالة عليه ، ولوقوعه فاصلاً .

وهذه الآية تدلُّ على أنَّ كل من مات أو قتل ، فإنما مات بأجله ، وأنَّ من قال : يجوز أن يموت قبل أجله مخطئ .


[19446]:ينظر: الكشاف 2/571.
[19447]:في أ: جاوز.