الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَآبِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (55)

وقوله سبحانه : { إِنَّ شَرَّ الدواب عِندَ الله الذين كَفَرُوا فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ الذين عاهدت مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ } [ الأنفال : 55 و56 ] .

أجمع المتأوِّلون ؛ أن الآية نزلَتْ في بني قُرَيْظَةَ ، وهي بَعْدُ تَعُمُّ كلَّ مَنِ اتصف بهذه الصفة إِلى يوم القيامة ، وقوله : { فِي كُلِّ مَرَّةٍ } يقتضي أن الغَدْرَ قد تكرَّر منهم ، وحديثُ قُرَيْظَةَ هو أنهم عاهدوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم ؛ على ألاَّ يحاربوه ، ولا يعينوا عَلَيْه عدوًّا من غيرهم ، فلمَّا اجتمعت الأحزاب على النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالمدينةِ ، غَلَبَ على ظنِّ بني قريظة ؛ أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مغلوبٌ ومستأصَلٌ ، وخَدَعَ حُيَيُّ بنُ أَخْطَبَ النَّضْرِيُّ كَعْبَ بْنَ أَسَدٍ القُرَظِيَّ صاحبَ عَقْد بني قريظة ، وعهْدِهِم ، فغدروا ووالوا قريشاً ، وأمدُّوهم بالسِّلاح والأَدْرَاعِ ، فلما انجلت تلك الحالُ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أمره اللَّه تعالَى بالخروج إِليهم وحَرْبِهم ، فاستنزلوا ، وضُرِبَتْ أعناقهم بحُكْم سَعْدٍ ، واستيعاب قصَّتهم في «السِّير » وإِنما اقتضبت منها ما يخُصُّ تفسير الآية .