إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَآبِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (55)

{ يَسْمَعُونَ إِنَّ شَرَّ الدواب } بعد ما شرَح أحوال المهلَكين من شرار الكَفَرة شرَع في بيان أحوالِ الباقين منهم وتفصيلِ أحكامِهم .

وقوله تعالى : { عندَ الله } أي في حكمه وقضائه { الذين كَفَرُواْ } أي أصروا على الكفر ولجّوا فيه ، جُعلوا شرَّ الدوابِّ لا شرَّ النّاسِ إيماءً إلى أنهم بمعزل من مجانستهم وإنما هم من جنس الدوابِّ ومع ذلك شرٌّ من جميع أفرادِها حسبما نطقَ به قوله تعالى : { إِنْ هُمْ إِلاَّ كالأنعام بَلْ هُمْ أَضَلُّ } [ سورة الفرقان ، الآية 44 ] وقوله تعالى : { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } حكمٌ مترتبٌ على تماديهم في الفكر ورسوخِهم فيه وتسجيلٌ عليهم بكونهم من أصل الطبع لا يَلْويهم صارفٌ ولا يثنيهم عاطفٌ أصلا جيء به على وجه الاعتراضِ لا أنه عطفٌ كفروا داخلٌ معه في حيز الصلةِ التي لا حكمَ فيه بالفعل .