فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَآبِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (55)

{ إن شر الدواب عند الله الذين كفروا } أي شر ما يدب على وجه الأرض في حكم الله وقضائه المصرون على الكفر المتمادون في الضلال ، وجعلهم شر الدواب لا شر الناس إيماء على انسلاخهم عن الإنسانية ودخولهم في جنس غير الناس من أنواع الحيوان لعدم تعقلهم لما فيه رشادهم ، ومع ذلك هم شر من جميع أفرادها حسبما نطق به قوله تعالى : { إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل } عن سعيد بن جبير قال : نزلت في ستة رهط من اليهود فيهم ابن تابوت ولهذا قال : { فهم لا يؤمنون } أي هذا شأنهم لا يؤمنون أبدا ولا يرجعون عن الغواية أصلا .

وهذا حكم مترتب على تماديهم في الكفر ورسوخهم فيه وتسجيل عليهم بكونهم من أهل الطبع لا يلويهم صارف ولا يثنيهم عاطف أصلا . جيء به على وجه الاعتراض لا أنه عطف على كفروا داخل معه في حيز الصلة التي لا حكم فيها بالفعل ، قاله أبو السعود