تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَآبِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (55)

وقوله تعالى : ( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) ذكر ههنا أن ( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) وقال في آية أخرى ( إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون )[ الأنفال : 22 ] هم شر الدواب حين[ في الأص وم : حيث ] سمعوا الآيات والحق ، وعقلوها ، فلم يؤمنوا بها ؛ أي لم ينتفعوا بما عقلوا مما وقع في مسامعهم ومما درسوا كمن لاسمع له ، ولا لسان . نفى عنهم ذلك لما لم ينتفعوا بما عقلوا .

ويحتمل أن يكون في الآخرة ؛ أي[ أدرج في الأصل قبلها : هم ] يبعثون يوم القيامة عند الله صما بكما لما لم ينتفعوا في الدنيا بهذه كقوله تعالى : ( ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما )الآية[ الإسراء : 97 ] .

وقوله تعالى : ( إن شر الدواب عند الله ) أي شر من ( الدواب عند اله الذين كفروا فهم لا يؤمنون ) وهو كما ذكر في آية أخرى : ( الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون[ الأعراف : 179 ] أخبر أن الذين كفروا بالله ، وكذبوا بآياته أضل من الأنعام . وقد ذكرنا فائدة قوله : ( بل هم أضل ) في موضعه .

ويحتمل قوله : ( شر الدواب ) أي شر من يدب على وجه الأرض من الممتحنين ( الذين كفروا فهم لا يؤمنون ) ثم يكونون[ من م ، في الأصل : يكون ] بهذا الوصف إذا ختموا بالكفر وترك الإيمان .

ثم اختلف فيه ؛ قال بعضهم : نزل في بني قريظة ؛ عاهدوا رسول الله ، ثم أعانوا مشركي مكة على رسول الله بالسلاح وغيرهم ، فأقالهم رسول الله ، وكانوا يقولون : نسينا ، وأخطأنا ، ثم عاهدهم ثانية ، فنقضوا العهد . فذلك قوله : ( ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ )