الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوۡمٍ خِيَانَةٗ فَٱنۢبِذۡ إِلَيۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَآءٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡخَآئِنِينَ} (58)

وقوله سبحانه : { وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً } [ الأنفال : 58 ] .

قال أكثر المفسِّرين : إِن الآية في بني قُرَيْظة ، والذي يظهر من ألفاظ الآية أنَّ أَمْرَ بني قريظة قد انقضى عند قوله : { فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ } ، ثم ابتدأ تبارَكَ وتعالَى في هذه الآية بما يَصْنَعُهُ في المستقبل ، مع مَنْ يخافُ منه خيانةً إِلى آخر الدهر ، وبَنُو قريظة لم يَكُونوا في حَدِّ مَنْ تُخَافُ خيانته ، وقوله : { فانبذ إِلَيْهِمْ } [ الأنفال : 58 ] أي : أَلْقِ إِليهم عَهْدهم ، وقوله : { على سَوَاءٍ } ، قيل : معناه : حتى يكونَ الأمْرُ في بيانِهِ والْعِلْمِ به ، على سواءٍ منْكَ ومنهم ؛ فتكُونُونَ في استشعار الحَرْب سواءً ، وذَكَرَ الفَرَّاء ؛ أن المعنَى : فانبذ إليهم على اعتدال وسواءٍ من الأمر ، أي : بَيِّنْ لهم على قَدْر ما ظهر منهم ، لا تُفَرِّطْ ، ولا تَفْجَأْ بحربٍ ، بل افعل بهم مِثْلَ ما فعلوا بك ، يعني : موازنةً ومقايسةً ،