الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{أَيَحۡسَبُ أَن لَّمۡ يَرَهُۥٓ أَحَدٌ} (7)

وقوله : { أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً } أي : أنفقْتُ مالاً كثيراً ، ومن قال : أَن المرادَ اسمُ الجِنْسِ غيرُ معينٍ ، جَعَلَ قولَه : { أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ } بمعنى : أيظُنُّ الإنسانُ أن لَيس عليه حفظةٌ يرون أعمالَه ويُحْصونَها ؛ إلى يوم الجزاء ، قال السهيلي : وهذه الآيةُ وإن نزلتْ في أبي الأشد فإن الألفَ واللامَ في الإنسان للجنسِ ، فيشتركُ مَعَهُ في الخِطابِ كلّ من ظن ظنه وفعل مثلَ فِعْلِه وعلى هذا أكثرُ القُرْآنَ ، يَنْزِل في السَّبَبِ الخاصِّ بلفظِ عامٍ يتناولُ المَعْنَى العام انتهى . وخرَّج مسلم عن أبي برزة قَال : قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : «لاَ تَزُولُ قَدَمَا العَبْدِ يَوْمَ القِيَامَةِ حتى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ : عَنْ عُمْرِه فِيمَا أَفْنَاهُ ، وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ به ، وَعَنْ مَالِهِ ، مِنْ أَيْنَ اكتسبه وَفِيمَ أَنْفَقَهُ » ، وخرَّجه أيضاً الترمذيُّ وقال فيه : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ ، انتهى . وقرأ الجمهور : { لُّبَداً } أي : كثيراً متلبِّداً بعضُه فوقَ بعضٍ .