فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{ٱلَّذِينَ يُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا يُصۡلِحُونَ} (152)

{ المسرفين } المتجاوزين الحد .

{ فاتقوا الله وأطيعون . ولا تطيعوا أمر المسرفين . الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون } دعاهم نبيهم إلى الرشد وتوحيد الله الصمد الفرد ، مناديا : ( . . يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره . . ){[1]} ، ( . . واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين ){[2]} ، ( . . هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب ){[3]}( قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون . قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون ){[4]}( . . فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر . أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر . سيعلمون غدا من الكذاب الأشر ){[5]} ، هكذا وعظهم نبيهم عليه السلام بما يرقق القلوب ، ويدل العقول والأفئدة على مولانا الحق علام الغيوب ، وصرف الحجة والبرهان على جلال الملك الديان{[6]} ، لكنهم أعرضوا عن نداء الحق ، واستجابوا لدعاة الضلال والزيغ ، وهم يعرفون في نبيهم الأمانة والصدق ، لكن غلبت عليهم الشقوة ، فاستبصروا الرشد وكتموه ، وأدركوا طريق الفلاح والنجاة وجحدوه ، ( . . فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم . . } ، وبهذا شهد الكتاب المبين : ( وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى . . ){[7]} .


[1]:- سورة يونس، الآية 24.
[2]:- ما بين العارضتين من روح المعاني.
[3]:- يتعبد.
[4]:- فضمني إلى صدره.
[5]:- سورة الأنعام. من الآية 148.
[6]:- ما بين العارضتين من روح المعاني.
[7]:- قرأ نافع {محفوظ} بالرفع، أي قرآن محفوظ من التبديل والتغيير والزيادة والنقصان؛ ولا ينسخه شيء.