فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{ٱسۡلُكۡ يَدَكَ فِي جَيۡبِكَ تَخۡرُجۡ بَيۡضَآءَ مِنۡ غَيۡرِ سُوٓءٖ وَٱضۡمُمۡ إِلَيۡكَ جَنَاحَكَ مِنَ ٱلرَّهۡبِۖ فَذَٰنِكَ بُرۡهَٰنَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦٓۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَوۡمٗا فَٰسِقِينَ} (32)

{ اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء } أدخل يدك في فتحة قميصك ثم أخرجها فسنمنحها بياضا ناصعا ، صافيا متلألئا ، في غير علة ولا برص ، يقول صاحب تفسير القرآن العظيم : إذا أدخلت يدك في جيب درعك ثم أخرجتها فإنها تخرج كأنها قطعة قمر في لمعان البرق . اه ، { واضمم إليك جناحك من الرهب } وضم ذراعك إلى صدرك يذهب عنك خوفك وفزعك ، { فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملئه } فهذان الحدثان والأمران المعجزان اللذان أجريتهما على يديك- من تحول العصا حية ، ويدك وهي سمراء إلى لون أبيض لامع من غير برص- هاتان آيتان وحجتان لك على فرعون ، وعلى كبراء ورؤساء وعامة قومه ، إن فرعون وجمعه قوم خارجون على أمرنا ، فليكن ما أريتك ، وما صنعت لك حجة عليهم ، ودليلا على حقيقة وصدق نبوتك ورسالتك .

[ والفاء في قوله تعالى : { فلما رآها تهتز } فصيحة مفصحة عن جمل حذفت ، تعويلا على دلالة الحال عليها ، وإشعارا بغاية سرعة تحقق مدلولاتها ، أي فألقاها ، فصارت حية ، فاهتزت ، فلما رآها تهتز وتتحرك . . والبرهان : الحجة النيرة . . وقال بعضهم : هو فعلان من البره بمعنى القطع ، فيفسر بالحجة القاطعة . . و{ من } في قوله تعالى : { من ربك } متعلق بمحذوف هو صفة لبرهان ، أي كائنان من ربك ، و{ إلى } في قوله سبحانه : { إلى فرعون وملئه } متعلق بمحذوف أيضا . . صفة بعد صفة أي واصلان إليهم ، وعلى ما يقتضيه ظاهر كلام آخرين حال منه ، أي مرسل أنت بهما إليهم ]{[3033]} .


[3033]:مما أورد الألوسي.