فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَٱسۡتَكۡبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُۥ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُمۡ إِلَيۡنَا لَا يُرۡجَعُونَ} (39)

{ واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون } تبين لهم أن الهدي ليس في تأليه طاغيتهم ، وأن نداء رسوليهم إلى الرشد حقيق أن يستجيبوا له بدلا من ضلالهم ، لكن جادلوا بالباطل بعد ما تبين لهم الهدى ، وازدادوا عمى بعد أن رأوا نفرا قد آمن واهتدى : ) فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم . . ( {[3047]}( وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد( {[3048]} )وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون( {[3049]} ، فهل بعد هذا يكون الغرور والاستكبار شيئا إذا قورن بما تمادى فيه هذا الطاغية الجبار ؟ ! واستخف قومه فتابعوه ، واستعدى جنده فأطاعوه ، وأشاعوا القتل والسفك في المؤمنين ، واستمرءوا الأذى والتنكيل بالمسلمين ، ونسوا بطش الله تعالى بالباغين ، في هذه الحياة الدنيا ويوم الدين ، فعاجلهم القوي المتين ببأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين ، فأغرقهم أجمعين ، وأخزى التابعين والمتبوعين ، ويوم القيامة يصيرون إلى دركات الجحيم ، بل وهم بعد غرقهم يذوقون العذاب الأليم ، مصداقا لقول ربنا الحكيم : )النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب( {[3050]}


[3047]:سورة غافر. من الآية 25.
[3048]:سورة غافر. الآية 26.
[3049]:سورة الأعراف. الآية 127.
[3050]:سورة غافر. الآية 46.