الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَءَايَةٞ لَّهُمۡ أَنَّا حَمَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ} (41)

{ وآية لهم أنا حملنا ذريتهم } أباهم { في الفلك المشحون } يعني سفينة نوح عليه السلام

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَءَايَةٞ لَّهُمۡ أَنَّا حَمَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ} (41)

ولما ذكر ما حد له حدوداً في السباحة في وجه الفلك لو تعداها لاختل النظام ، ذكر ما هيأه من الفلك للسباحة على وجه الماء الذي طبق الأرض في زمن نوح عليه السلام حتى كانت كالسماء ، ولو تعدت السفينة ما حد لها سبحانه من المنازل فنفذت إلى بحر الظلمات لفسد الشأن ، وكانوا فيها كأنهم في الأرض ، وبسيرها كأنهم يخترقون الجبال والفيافي والقفار - كل ذلك تذكيراً بأيام الله ، وتنبيهاً على استدرار نعمه ، وتحذيراً من سطواته ونقمه ، ومنّاً عليهم بما يسر لهم من سلوك البحر والتوصل به إلى جليل المنافع فقال : { وآية لهم } أي على قدرتنا التامة وعلمنا الشامل { أنا } أي على ما لنا من العظمة { حملنا } .

ولما كان من قبل نوح عليه السلام من أصول البشر لم يحملوا في الفلك ، عدل عن التعبير بالضمير والآباء إلى قوله : { ذريتهم } أي ذرية البشر التي ذرأناها وذروناها وذررناها حتى ملأنا بها الأرض من ذلك الوقت إلى آخر الدهر ، ولهذا التكثير المفهوم من هذا الاشتقاق البليغ اغتنى ابن كثير وأبو عمرو والكوفيون فقرأوا بالإفراد ، وزادت في الإيضاح قراءة الباقين بالجمع ، بعضهم ظاهراً وبعضهم في ظهر أبيه { في الفلك } عرفه لشهرته بين جميع الناس { المشحون * } أي الموقر المملوء حيواناً وزاداً ، وهو يتقلب في تلك المياه التي لم ير قط مثلها ولا يرى أبداً ، ومع ذلك فسلمه الله .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَءَايَةٞ لَّهُمۡ أَنَّا حَمَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ} (41)

قوله تعالى : { وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ( 41 ) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ ( 42 ) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ ( 43 ) إِلاَّ رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ } .

{ وَآَيَةٌ } خبر مقدم للمبتدأ { أَنَّا حَمَلْنَا } {[3910]} وهذا دليل آخر من ظواهر الطبيعة ومكوِّناتها ، يسوقه الله لعباده مبينا عظيم قدرته ، وهو تسخيره البحر ليحمل على ظهره السفائن المشحونة بالبضائع والأمتعة والأناسي . وقد كان أول السفائن سفينة نوح عليه السلام ، التي أنجاه الله فيها وأنجى الذين معه من المؤمنين ، وهو قوله : { أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ } والمراد بذريتهم آباؤهم المحمولون في سفينة نوح عليه السلام . وقيل : ذريات جنسهم ، على حذف مضاف . وأريد بالذرية كل محتاج للركوب غير مطيق للمشي . وبذلك يمنُّ الله على عباده بما يسَّرهُ لهم من ركوب السفن التي تجري على سطح الماء بقدرته سبحانه ؛ وذلك فضل عظيم من الله خوَّل عباده إياه تسهيلا لهم وتيسيرا عليهم في التنقل والأسفار إلى بلاد الله الواسعة من أجل التجارات أو الزيارات أو غير ذلك من مختلف الحاجات .

قوله : { فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ } أي السفن الحافلة بالناس والموقرة بمختلف الأمتعة والأشياء .


[3910]:الدر المصون ج 9 ص 271