الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلَآ أَنسَابَ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ وَلَا يَتَسَآءَلُونَ} (101)

الصور بفتح الواو عن الحسن . والصور بالكسر والفتح عن أبي رزين . وهذا دليل لمن فسر الصور بجمع الصورة ، ونفي الأنساب : يحتمل أن التقاطع يقع بينهم حيث يتفرّقون معاقبين ومثابين ، ولا يكون التواصل بينهم والتآلف إلاّ بالأعمال ، فتلغوا الأنساب وتبطل ، وأنه لا يعتد بالأنساب لزوال التعاطف والتراحم بين الأقارب ، إذ يفرّ المرء من أخيه وأمّه وأبيه وصاحبته وبنيه . وعن ابن مسعود : «لا يسَّاءلون » بإدغام التاء في السين .

فإن قلت : قد ناقض هذا ونحو قوله : { وَلاَ يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } [ المعارج : 10 ] قوله : { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ } [ الصافات : 27 ] ، [ الطور : 25 ] ، وقوله : { يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ } [ يونس : 45 ] فكيف التوفيق بينهما ؟ قلت : فيه جوابان ، أحدهما : أنّ يوم القيامة مقداره خمسون ألف سنة ، ففيه أزمنة وأحوال مختلفة يتساءلون ويتعارفون في بعضها ، وفي بعضها لا يفطنون لذلك لشدّة الهول والفزع ، والثاني : أنّ التناكر يكون عند النفخة الأولى ، فإذا كانت الثانية قاموا فتعارفوا وتساءلوا .