الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{لَعَلِّيٓ أَعۡمَلُ صَٰلِحٗا فِيمَا تَرَكۡتُۚ كَلَّآۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَاۖ وَمِن وَرَآئِهِم بَرۡزَخٌ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ} (100)

وقال : { لَعَلّى أَعْمَلُ صالحا } في الإيمان الذي تركته ، والمعنى : لعلي آتي بما تركته من الإيمان ، وأعمل فيه صالحاً ، كما تقول : لعلي أبني على أُس ، تريد : أُأسس أُساً وأبني عليه . وقيل : فيما تركت من المال . وعن النبي صلى الله عليه وسلم : « إذا عاينَ المُؤمنَ الملائكةُ قالُوا : نرجعُك إلى الدُّنيا ، فيقولُ : إلى دارِ الهمومِ والأحزان ! بل قدوماً إلى اللَّهِ . وأَمّا الكافرُ فيقولُ : ربِّ ارجعون » { كَلاَّ } ردعٌ عن طلب الرجعة ، وإنكار واستبعاد . { إِنَّهَا كَلِمَةٌ } والمراد بالكلمة : الطائفة من الكلام المنتظم بعضها مع بعض ، وهي قوله : { لَعَلِّى أَعْمَلُ صالحا فِيمَا تَرَكْتُ } . { هُوَ قَائِلُهَا } لا محالة ، لا يخليها ولا يسكت عنها لاستيلاء الحسرة عليه وتسلط الندم . أو هو قائلها وحده لا يجاب إليها ولا تسمع منه { وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ } والضمير للجماعة . أي : أمامهم حائل بينهم وبين الرجعة إلى يوم البعث ، وليس المعنى : أنهم يرجعون يوم البعث ، وإنما هو إقناط كلي لما علم أنه لا رجعة يوم البعث إلاّ إلى الآخرة .