الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَٱلَّذِيٓ أَطۡمَعُ أَن يَغۡفِرَ لِي خَطِيٓـَٔتِي يَوۡمَ ٱلدِّينِ} (82)

وقرىء : «خطاياي » ، والمراد : ما يندر منه من بعض الصغائر ؛ لأنّ الأنبياء معصومون مختارون على العالمين . وقيل : هي قوله : { إِنّى سَقِيمٌ } [ الصافات : 89 ] وقوله : { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ } [ الأنبياء : 63 ] وقوله لسارّة : هي أختي . وما هي إلا معاريض كلام ، وتخييلات للكفرة ، وليست بخطايا يطلب لها الاستغفار .

فإن قلت : إذا لم يندر منهم إلا الصغائر وهي تقع مكفرة ، فما له أثبت لنفسه خطيئة أو خطايا وطمع أن تغفر له ؟ قلت : الجواب ما سبق لي : أن استغفار الأنبياء تواضع منهم لربهم ، وهضم لأنفسهم ، ويدل عليه قوله : { أَطْمَعُ } ولم يجزم القول بالمغفرة . وفيه تعليم لأممهم ، وليكون لطفاً لهم في اجتناب المعاصي والحذر منها ، وطلب المغفرة مما يفرط منهم .

فإن قلت : لم علق مغفرة الخطيئة بيوم الدين ، وإنما تغفر في الدنيا ؟ قلت : لأنّ أثرها يتبين يومئذٍ وهو الآن خفي لا يعلم .