فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱلَّذِيٓ أَطۡمَعُ أَن يَغۡفِرَ لِي خَطِيٓـَٔتِي يَوۡمَ ٱلدِّينِ} (82)

وإنما قال عليه السلام :

{ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي } هضما لنفسه . وتعليما للأمة أن يجتنبوا المعاصي ويكونوا على حذر . وطلب أن يغفر لهم ما يفرط منهم ، وتكرير الموصول في المواضع الثلاثة المعطوفة للإيذان بأن كل واحد من تلك الصلات نعت جليل مستقل في إيجاب الحكم . قيل : إن الطمع هنا بمعنى اليقين في حقه . وبمعنى الرجاء في حق سواه .

وقرئ { خطايا } لأنها ليست خطيئة واحدة . قال النحاس خطيئة بمعنى خطايا في كلام العرب ، قال مجاهد يعني بخطيئته قوله : { بل فعله كبيرهم هذا } ، وقوله : { إني سقيم } ، وقوله إن سارة أخته زاد الحسن وقوله للكوكب : هذا ربي . وحكى الواحدي عن المفسرين أنهم فسروا الخطايا بما فسر بها مجاهد .

قال الزجاج : الأنبياء بشر ويجوز أن تقع عليهم الخطيئة إلا أنهم لا تكون منهم الكبيرة لأنهم معصومون { يَوْمَ الدِّينِ } أي يوم الجزاء للعباد بأعمالهم ، ولا يخفى أن تفسير الخطايا بما ذكره مجاهد ومن معه ضعيف ، فإن تلك معاريض ، وهي أيضا إنما صدرت عنه بعد هذه المقاولة الجارية بينه وبين قومه .

وعن عائشة قالت : قلت يا رسول الله ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المساكين أكان ذلك نافعا له ؟ قال لا ينفعه ، إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين . وهذا كله احتجاج من إبراهيم على قوله إنه لا يصلح للإلهية إلا من يفعل هذه الأفعال