فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱلَّذِيٓ أَطۡمَعُ أَن يَغۡفِرَ لِي خَطِيٓـَٔتِي يَوۡمَ ٱلدِّينِ} (82)

وإنما قال عليه الصلاة والسلام : { والذي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدين } هضماً لنفسه ، وقيل إن الطمع هنا بمعنى اليقين في حقه ، وبمعنى الرجاء في حق سواه . وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق " خطاياي " قالا : ليست خطيئته واحدة . قال النحاس : خطيئة بمعنى خطايا في كلام العرب . قال مجاهد : يعني بخطيئته قوله : { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا } [ الأنبياء : 63 ] ، وقوله : { إِنّى سَقِيمٌ } [ الصافات : 89 ] ، وقوله : إن سارة أخته ، زاد الحسن : وقوله للكوكب : { هذا رَبّي } [ الأنعام : 86 ] ، وحكى الواحدي عن المفسرين : أنهم فسروا الخطايا بما فسرها به مجاهد . قال الزجاج : الأنبياء بشر ، ويجوز أن تقع عليهم الخطيئة إلاّ أنهم لا تكون منهم الكبيرة ؛ لأنهم معصومون ، والمراد بيوم الدين يوم الجزاء للعباد بأعمالهم ، ولا يخفى أن تفسير الخطايا بما ذكره مجاهد ، ومن معه ضعيف ، فإن تلك معاريض ، وهي أيضاً إنما صدرت عنه بعد هذه المقاولة الجارية بينه وبين قومه .