الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابٗاۖ ذَٰلِكَ رَجۡعُۢ بَعِيدٞ} (3)

ثم عوّل على أحد الإنكارين بقوله تعالى : { فَقَالَ الكافرون هذا شَىْء عَجِيبٌ أَءذَا مِتْنَا } دلالة على أن تعجبهم من البعث أدخل في الاستبعاد وأحق بالإنكار ، ووضع الكافرون موضع الضمير للشهادة على أنهم في قولهم هذا مقدمون على الكفر العظيم . وهذا إشارة إلى الرجع ؛ وإذا منصوب بمضمر ؛ معناه : أحين نموت ونبلى نرجع ؟ { ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ } مستبعد مستنكر ، كقولك : هذا قول بعيد . وقد أبعد فلان في قوله . ومعناه : بعيد من الوهم والعادة . ويجوز أن يكون الرجع بمعنى المرجوع . وهو الجواب ، ويكون من كلام الله تعالى استبعاداً لإنكارهم ما أنذروا به من البعث ، والوقف قبله على هذا التفسير حسن . وقرىء : «إذا متنا » على لفظ الخبر ، ومعناه : إذا متنا بعد أن نرجع ، والدال عليه { ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ } .

فإن قلت : فما ناصب الظرف إذا كان الرجع بمعنى المرجوع ؟ قلت : ما دل عليه المنذر من المنذر به ، وهو البعث .