الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَفَعَيِينَا بِٱلۡخَلۡقِ ٱلۡأَوَّلِۚ بَلۡ هُمۡ فِي لَبۡسٖ مِّنۡ خَلۡقٖ جَدِيدٖ} (15)

عيى بالأمر : إذا لم يهتد لوجه عمله ، والهمزة للإنكار . والمعنى : أنا لم نعجز كما علموا عن الخلق الأول ، حتى نعجز عن الثاني ، ثم قال : هم لا ينكرون قدرتنا على الخلق الأوّل ، واعترافهم بذلك في طيه الاعتراف بالقدرة على الإعادة { بَلْ هُمْ فِى لَبْسٍ } أي في خلط وشبهة . قد لبس عليهم الشيطان وحيرهم . ومنه قول علي رضي الله عنه : يا حار ، إنه لملبوس عليك ، اعرف الحق تعرف أهله . ولبس الشيطان عليهم : تسويله إليهم أن إحياء الموتى أمر خارج عن العادة ، فتركوا لذلك القياس الصحيح : أن من قدر على الإنشاء كان على الإعادة أقدر .

فإن قلت : لم نكر الخلق الجديد ، وهلا عرّف الخلق الأول ؟ قلت : قصد في تنكيره إلى خلق جديد له شأن عظيم وحال شديد . حق من سمع به أن يهتم به ويخاف ، ويبحث عنه ولا يقعد على لبس في مثله .