قوله تعالى : { إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً } يعنى : الكتاب ، في نصب : " قُرْآناً " ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون بدلاً من ضمير " أنْزلْنَاهُ " أو حالاً موطئة منه ، والضمير في : " أنْزَلْنَاهُ " على هذين القولين يعود على الكتاب ، وقيل : " قُرْآناً " مفعول به ، والضمير في " أنْزَلْنَاهُ " ضمير المصدر ، و " عربياً " نعت للقرآنِ ، وجوَّز أبو البقاء : أن يكون حالاً من الضمير في : " قُرْآناً " إذا تحمَّل ضميراً ، يعنى : إذا حعلناهُ حالاً مؤولاً بمشتقِّ ، أي : أنزَلنَاه مُجْتمعاً في حال كونهِ عَربيًّا
والعربيّ منسُوب إلى العرب ؛ لأنَّه نزل بلغتهم ، وواحد العرب : عربيٌّ ، كما أن واحد الرُّوم : رُومِيٌّ ، أي : أنزلناه بلغتكم ، لكي تعلمُوا مَعانيَهُ ، وتفهَمُوا ما فيه ، و " عَرَبَة " بفتح الرَّاء ناحية دار إسماعيل عليه السلام قال الشاعر : [ الطويل ]
3043 وعَرْبَةُ أرْضٍ مَا يُحِلُّ حَرامَهَا *** مِنَ النَّاسِ إلاَّ اللَّوذَعِيُّ الحُلاحِلُ
سكن راءها ضرورة ؛ فيجوزُ أن يكون العربي منسُوباً إلى هذه البقعة .
احتج الجُبَّائيُّ بهذه الآية : على كون القرآن مخلوقاً ، لقوله تعالى : { إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ } والقديم لا يجوزُ إنزالهُ وتحويله من حالٍ إلى حالٍ ؛ ولأنَّه تعالى وصفهُ بكونه : " عَرَبيًّا " والقديم لا يكون عربيًّا ؛ ولأنَّ قوله تعالى { إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً } يدلُّ على أنَّه سبحانه وتعالى قادرٌ على أن ينزله لا عربيًّا ؛ ولأنَّ قوله : { تِلْكَ آيَاتُ الكتاب المبين } يدلُّ على أنَّه مركبٌ من الآيات والكلمات ، والمركَّبُ محدثٌ .
قال ابن الخطيب : " والجواب عن هذه الوجوه أن نقول : المركَّب من الحروف والكلمات محدثٌن وذلك لا نزاع فيه ، إنَّما الذي ندَّعي قدمه شيء آخر ، فسقط هذا الاستدلال " .
قوله : { لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } : قال الجبائي : " كلمة " لعَلَّ " نحملها على اللاَّم ، والتقدير : إنَّا أنزلناهُ قُرآناً عربيًّا لتعقلُوا معانيه في أمْر الدِّين ، إذ لايجوز أن يراد ب " لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " : الشَّكح لأنَّه على الله تعالى محالٌ ، فثبت أنَّ المراد : لكي تعرفوا الأدلَّة ، وذلك يدلُّ على أنَّهُ سبحانه وتعالى ت أراد من كلِّ العباد أن يعقلوا توحيده ، وأمر دينه ، من عرف منهم ، ومن لم يعرف " . قال ابن الخطيب : " والجواب : هَبْ أنَّ الأمْر كمَا ذَكْرتُمْ ، إلاَّ أنَّهُ يدلُّ على أنه تعالى أنزل هذه السورة وأراد منهم معرفة كيفيَّة هذه القصَّة ، لكن لِمَ قلتم : إنَّها تدلُّ على أنه تعالى أراد من الكُلِّ الإيمان والعمل الصالح " ؟ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.