قوله : { فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ } أي : شك " مِمَّا يعبدُ هؤلاءِ " لما شرح أقاصيص عبدة الأوثان ، وأتبعه بأحوال الأشقياء ، وأحوال السعداء شرح للرسول - عليه الصلاة والسلام- أحوال الكفار من قومه ، فقال : " فلا تَكُ في مريةٍ ممَّا يعبدُ هؤلاءِ " وحذف النون ؛ لكثرة الاستعمال ؛ ولأنَّ النون إذا وقعت طرف الكلام ، لم يبق عند التلفظ به إلا مجرّد الغنَة ، فلا جرم أسقطوه و " ما " في " مِمَّا يعبُدُونَ " و " مِمَّا يعبدُ آباؤنَا " مصدرية ، ويجوز أن تكون الأولى اسمية دون الثانية ، والمعنى أنَّهُم ضلال " ما يعبدون إلاَّ كما يعبد " ، وفيه إضمار ، أي : كما كان يعبدُ آباؤهُمْ من قبل ، " وإنَّا لمُوفُّوهُم نَصِيبهُم " حقَّهم من الجزاء " غير منقُوص " ويحتمل أن يكون المراد أنهم ، وإن كفروا ، وأعرضوا عن الحقِّ ، فإنا موفوهم نصيبهم من الرِّزق والخيرات الدنيويَّة ، ويحتمل أن يكون المراد : إنَّا لموفُّوهم نصيبهم من إزاحة العذر وإظهار الدلائل وإرسال الرسُل وإنزال الكتب .
قوله " غير منقُوصٍ " حالٌ من " نَصِيبهُم " وفي ذلك احتمالان :
أحدهما : أن تكون حالاً مؤكِّدة ؛ لأن لفظ التوفية يشعرُ بعدم النقص ، فقد استفيد معناها من عاملها ، وهو شأنُ المؤكدة .
والثاني : أن تكون حالاً مبينة .
قال الزمخشريُّ : فإن قلت : كيف نُصب " غيْر منقُوصٍ " حالاً عن النَّصيب المُوفَّى ؟ قلتُ : يجوز أن يُوفَّى ، وهو ناقصٌ ، ويوفَّى وهو كامل ؛ ألا تراك تقولُ : " وفَّيْتُه شطر حقَّه ، وثُلثَ حقِّه ، وحقِّه كاملاً وناقصاً " فظاهر هذه العبارة أنها مبنيةٌ ، إذ عاملها محتمل لمعناها ولغيره . إلا أن أبا حيَّان قال : هذه مغلطة ، إذا قال : " وفيته شطر حقِّه " فالتوفية وقعتْ في الشَّطْر ، وكذا في الثُلُث ، والمعنى : أعطيته الشطر والثلث كاملاً لم أنقصه شيئاً ، وأما قوله : " وحقِّه كاملاً وناقصاً " أما كاملا فصحيح ، وهي حال مؤكدة ؛ لأن التوفية تقتضي الإكمال ، وأما " وناقصا " فلا يقالُ لمنافاته التَّوفية . قال شهابُ الدِّين : " وفي منع الشيخ أن يقال : " وفِّيْتُه حقِّه ناقصاً " نظرٌ ، إذ هو شائعٌ في تركيبات النَّاس المعتبر قولهم ؛ لأ المراد بالتَّوفية مطلقُ التَّأدية " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.