اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِذۡ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَـٰٓأَبَتِ إِنِّي رَأَيۡتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوۡكَبٗا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ رَأَيۡتُهُمۡ لِي سَٰجِدِينَ} (4)

قوله تعالى : { إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ } الآية .

رُوِي أن علماء اليهود قالوا لكبراء المشركين : سلْوا محمَّداً لم انتقل يعقوب من الشَّام إلى مصر ؟ وعن كيفيَّة قصَّة يوسف ؟ فأنز الله تعالى هذه السورة .

وفي العامل في " إذْ " أوجهٌ :

أظهرها : أنه منصُوب ب " قَالَ يَا بُنَيَّ " أي : قال يعقوب : يا بني وقت قول يُوسف لهُ : كَيْتَ وكَيْتَ ، وهذا أسهل الوجوه ؛ إذ فيه إبقاء " إذْ " كونها ظرفاً ماضياً .

وقيل : الناسب له : " الغَالفينَ " قاله مكيٌّ .

وقيل : هو منصوبٌ ب " نَقُصُّ " أي : نقصُّ عليك وقتَ قوله كَيْتَ وكَيْتَ ، وهذا فيه [ إخراج ] " إذْ " عن المضيِّ ، وعن الظرفيَّة ، وإن قدَّرت المفعول محذوفاً ، أي : نقصُّ عليك الحال وقت قوله ، لزم أخراجها عن المضيِّ .

وقيل : هو منصوب بمضمر ، أي : اذكُر .

وقيل : هو منصُوب على أنَّه بدل من " أحسن القصص " بدل اشتمال .

قال الزمخشري : " لأنَّ الوقت يشتمل على القصص وهو المقصوص " و " يُوسفُ " اسم عبرانيٌّ ، ولذلك لا ينصرف ، وقيل : هو عربيٌّ ، فقال الزمخشريُّ : " الصَحيحُ أنه اسم عبرانيٌّ ؛ لأنه لو كان عربيًّا ، لانصرف " وسئل أبو الحسن الأقطع عن الأسف فقال : " الأسف في اللغة : الحُزن ، والأسف : العَبْد ، واجتمعا في يوسف ؛ فسُمِّي بهما " .

روي ابن عمر عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : " الكَرِيمُِ ابنُ الكَريمِ ابْنِ الكريمِ ابن الكريم ، يُوسف بنُ يعقُوبَ بنِ إسحاقَ بنِ إبْراهيمَ صَلواتُ اللهِ وسلامه عليهم أجمعين " .

قوله : " يَا أبَتِ " قرأ ابن عامر : بفتح التَّاء ، والباقون بكسرها ، وهذه التَّاء عوض عن ياء المتكلم ؛ ولذلك لا يجوز الجمع بينهما .

وهذا مختصٌّ بلفظتين : يا أبَتِ ويَا أمَّتِ ، ولا يجُوز في غيرهما من الأسماء ، لو قلت : " يَا صَاحِبتِ " لم يجُز ألبتَّة ؛ كما اختصَّت لفظة الأم والعم بحكم في نحو : " يا ابْنَ أمَّ " ويجوز الجمع بين هذه التَّاء ، وبين كلِّ من الياءِ والألفِ ضرورةً ؛ كقوله : [ الرجز ]

3044 يَا أبَتَا عَلَّكَ أوْ عَسَاكَا *** وقول الآخر : [ المتقارب ]

3045 أيَا أبَتَا لا تَزْلْ عِنْدنَا *** فإنَّا نَخافُ بأنْ تُخْتَرَمْ

وقول الآخر : [ الطويل ]

3046 أيَا أبَتِي لا زلْتَ فينَا فإنَّمَا *** لنَا أمَلٌ فِي العَيْشِ ما دُمْتَ عَائِشَا

وكلامُ الزمخشريِّ يؤذن بأنَّ الجمع بين التَّاء والألفِ ليس ضرورةً ؛ فإنَّه قال : " فإن قلت : فما هَذه الكسْرة ؟ قلتُ : هي الكسْرة الَّتي كَانتْ قبل الياءِ في قولك : " يا أبي " قد زُحلقَتْ إلى التاء ؛ لاقتضاء تاءِ التَّأنيث أن يكُون ما قبْلَها مفتوحاً .

فإن قلت : فما بالُ الكسرة لم تَسْقُطْ بالفَتْحَة الَّتي اقْتَضَتْهَا التَّاء ، وتبقَى التَّاءُ ساكنةً ؟ .

قلت : امتنع ذلك فيها ؛ لأنَّها اسم ، والأسماءُ حقُّها التحريكُ ؛ لأصالتها في الإعراب ، وإنما جاز تسكينُ الياء ، وأصلها أن تحرَّك تخفيفاً ؛ لأنها حرف لين ، وأما التاء ، فحرفٌ صحيحٌ ، نحو كافِ الضمير ؛ فلزم تحريكها .

فإن قلت : يشبه الجمع بين هذه التَّاء وبين هذه الكسرة الجمع بين العوض والمعوَّض منه ؛ لأنَّها في حكم الياء ، إذا قلت : يا غُلام ، فكَمَا لا يَجُوز : " يا أبتي " لا يجوز " يا أبتِ " قلت : الياءُ والكسرة قبلها شيئان ، والتَّاء عوض من أحد الشيئين ، وهو الياء ، والكسرة متعرَّض لها ؛ فلا يجمع بين العوض والمعوَّض منه ، إلا إذا جُمِعَ بين التَّاء والياء لاغير ؛ ألا ترى إلى قولهم : " يَا أبَتَا " مع كونِ الألف فيه بدلاً من الياءِ ، كيف جاز بينها وبين التاء ، ولم يعدَّ ذلك جمعاً بين العوض والمعوَّض منه ؟ فالكسرة أبعد من ذلك .

فإن قلت : قد دلَّت الكسرة في " يا غُلام " على الإضافة ؛ لأنَّها قرينة الياءِ ولصيقتها ، فإن دلَّت على مثل ذلك في : " يا أبت " فالتَّاء الَمعوَّة لغو ، وجودها كعدمها .

قلت : [ بل ] حالها مع التَّاء كحالها مع الياءِ إذا قلت : " يا أبِي " .

وكذا عبارة أبي حيَّان ، فإنه قال : وهذه التَّاء عوض من ياءِ الإضافة فلا تجتمعان ، وتجامع الألف التي هي بدل من التاء ، كما قال : [ الرجز ]

3047 يَا أبَتَا عَلَّكَ أوْ عَسَاكَا *** وفيه نظر ؛ من حيث إن الألف كالتاء لكونها بدلاً منها ، فينبغي أن لا يجمع بينهما ، وهذا تاء أصلها للتأَنيث .

قال الزمخشريُّ : " فإن قلتك ما هذه التَّاء ؟ قلتك تاءُ التأنيث وقعت عوضاً من ياء الإضافة ، والدَّليل على أنَّها تاء التَّأنيث : قلبُهَا هاءً في الوقف " .

قال شهاب الدِّين : وما ذكرهُ من كونها تقلب هاءً في الوقف ، قرأ به ابنُ كثير ، وابن عامرٍ ، والباقُون وقفوا عليها بالتَّاء ، كأَنَّهم أجروها مجرى تاء الإلحاق في " بِنْت وأخْت " وممن نصَّ على كونهخا للتَّأنيث : سيبويه ؛ فإنه قال : " سَألْت الخليل عن التَّاء في : " يَا أبتِ " فقال : هي بِمنزِلَة التَّاء في تاء " يا خالة وعمَّة " يعنى : أنَّها للتَّأنيث " ويدلُّ أيضاً على كونها للتأنيث : كتبُهم إيَّاها هاءً ، وقياس من وقف بالتَّاء : أن يكُبهَا تاء ، ك " بِنْت وأخْت " .

ثم قال الزمخشري : فإن قلت : كيف جاز إلحاق تاءِ التَّأنيث بالمذكَّر ؟ .

قلت : كما جاز نحو قولك : حمامة ذكر ، وشاةٌ ذكر ، ورجل ربعة ، وغلامٌ يفعة قلت : يعني : أنها جيء بهَا لمُجرَّد تأنيث اللفظ ، كما في الأسماء المستشهد بها .

ثم قال الزمخشري : " فإن قلت : فلم ساغ تعويض تاءِ التأنيث من ياءِ الإضافة ؟ .

قلت : لأن التأنيث والإضافة تناسبان ؛ في أنَّ كل واحدٍ منهما زيادة مضمومة إلى الاسم في آخره " .

قال شهاب الدين : " وهذا قياسٌ بعيدٌ لا يعمل به عند الحُذاق ، فإنَّه يسمَّى الشَّبه الطَّردِي ، أي : أنه شَبَهٌ في الصُّورة " .

وقال الزمخشري : " إنه قرىء " يَا أبتِ " بالحركات الثلاث :

فأما الفتح والكسر فقد تقدَّم ذكر من قرأ بهما .

وأما الضم فغريبٌ جدًّا وهو يشبه من يبني المنادى المضاف لياء المتكلِّم على الضمِّ ؛ كقراءة من قرأ : { قَالَ رَبِّ احكم بالحق } [ الأنبياء : 112 ] بضم الباء ، وسيأتي توجيهها هناك إن شاء الله تعالى ولما قلنا : إنَّه مضافٌ للياءِ ، ولم نجعله مفرداً من غير إضافةٍ . وقد تقدَّم توجيهُ كسر هذه التَّاء بما ذكره الزمخشريُّ من كونها هي الكسرة التي قبل الياء زحلقت إلى التاء وهذا أحدُ المذهبين .

والمذهبُ الآخر : أنَّها كسرة أجنبيَّة ، جيء بها لتدُلَّ على الياءِ المعوَّض منها . فأما الفتح ففيه أربعة أوجه ، ذكر الفارسي منها وجهين :

أحدهما : أنه اجتزأ بالفتحة عن الألف المنقلبة عن الياءِ ؛ كما اجتزَأ عنها الآخرْ بقوله : [ الوافر ]

3048 ولَسْتُ بِراجِعٍ ما فَاتَ منِّي *** بِلهْفَ ولا بِليْتَ ولا لَوَنِّي

وكما اجتزأ بها في : " يَا بْنَ أمَّ " و " يَا بْنَ عَمّ " .

والثاني : أنه رخم بحذف التاء ، ثم اقحمت التَّاءُ مفتوحة ؛ كقول النابغة الجعديِّ : [ الطويل ]

3049 كِلِينِي لِهمِّ يا أمَيْمةَ نَاصبِ *** وليْلٍ أقَاسيهِ بَطيءِ الكَواكبِ

بفتح تاء أميمة .

الثالث : ما ذكره الفرَّاء ، وأبو عبيدة ، وأبو حاتم ، وقطرب في أحد قوليه : وهو أن الألف في : " يَا أبَتَا " للنُّدبة ، ثم حذفها مجتزئاً عنها بالفتحة ، وهذا قد ينفع في الجواب بين العوض والمعوض منه ، ورد بعضهم هذاح بأنَّ المضع ليس موضع نُدبة .

الرابع : أن الأصل " يا أبَة " بالتنوين ، فحذف التنوين ، لأنَّ النداء بابُ حذفٍ ، وإلى هذا ذهب قطرُب في القول الثاني .

وردَّ هذا : بأ ، التَّنوين لا يحذف من المنادى المنصُوب نحو : " يَا ضَارِباً رجُلاً " .

وقرأ أبو جعفر : " يا أبِي " بالياءِ ولم يعوض منها التَّاء ، وقرأ الحسن ، والحسين ، وطلحة بن سليمان ، رضي الله عنهم " أحَدَ عَشَر " بسُكُون العين ؛ كأنهم قصدّوا التنبيه بهذا التَّخفيفِ على أنَّ الاسمين جُعِلا اسماً واحداً .

قوله { والشمس والقمر } يجوز فيه وجهان :

أحدهما : أن تكون الواو عاطفة ، وحينئذ : يحتمل أن يكُون من باب ذكر الخاصِّ بعد ذكر العام تفصيلاً له ؛ لأن الشَّمس والقمر دخلا في قوله : { أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً } فهذا كقوله : { وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ } [ البقرة : 98 ] بعد قوله : " ومَلائِكتهِ " ويحتمل أن لا تكون كذلك ، وتكون الواوُ لعطف المغايرة ؛ فيكون قد رأى الشمس والقمر زيادة على ال " أحَدَ عَشَرَ " ومن جملتها الشمس والقمر ، وهذان الاحتمالان نقلهما الزمخشريُّ .

والوجه الثاني : أن تكون الواو بمعنى : " مَعَ " إلا أنَّه مرجوحٌ ؛ لأنَّه متى أمكن العطف من غير ضعفٍ ، ولا أخلال بمعنى ، رُجِّح على المعيَّة ؛ وعلى هذا فيكون كالوجه الذي قبله ، بمعنى : أنه رأى الشمس ، والقمر زيادةً على الأحد عشر كوكباً .

قوله : { رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ } يحتمل وجهين :

أحدهما : أنَّها جملة كُرِّرت للتوكيد ؛ لما طال الفصل بالمفاعيل ، كما كُرِّرت " أنكُم " في قوله تعالى : { أَنَّكُمْ إِذَا مِتٌّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ } [ المؤمنون : 35 ] . كذا قالهُ أبو حيَّان ، وسيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى .

والثاني : أنه ليس [ بتأكيد ] ، وإليه نحا الزمخشريُّ ؛ فإنه قال : " فإن قلت : ما معنى تكرار " رَأيْتُمْ " ؟ قلتُ : ليس بتكرار ؛ إنَّما هو كلام مُستأنَف على تقدير سؤال وقع جواباً له ؛ كأنَّ يعقُوب عليه الصلاة والسلام قال لهُ عند قوله : { إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً والشمس والقمر } كيف رأيتها ؟ سائلاً عن حال رؤيتها ، فقال : ( رأيتهم لي ساجدين ) وهذا أظهر ؛ لأنَّه متى دار الكلام بين الحمل على التأكيد والتأسيس ، فحمله على التَّأسيس أولى " .

و " سَاجِدينَ " : صفة جُمِعَ جَمْ العقلاء ، فقيل : لأنَّه لما عاملهُم معاملة العقلاء في إسناد فعلهم إليهم ، جمعهم جمع العقلاء ، فقيل : لأنَّ الشيء قد يعامل مُعالمة شيء آخر ، إذا شاركه في صفةٍ ما ؛ كما قال في صفة الأصنام : { وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } [ الأعراف : 198 ] ، وكقوله عز وجل : { ياأيها النمل ادخلوا مَسَاكِنَكُمْ } [ النمل : 18 ] .

والرُّؤية هنا : مناميَّة ، وقد تقدم أنَّها تنصب مفعولين ؛ كالعلميَّة ؛ وعلى هذا قد حذف المعفول الثاني من قوله : { رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً } ، ولكن حذفه اقتصاراً ممتنع ، فلم يبق إلا اختصاراً ، وهو قليلٌ ، أو ممتنع عند بعضهم .

وقال بعضهم : إن إحداهما من الرُّؤية ، والأخرى من الرُّؤيا .

قال القفَّال : ذكر الرُّؤية الأولى ؛ ليدل على أنَّه شاهد الكواكبِ ، والشَّمس والقمر ، والثانية ؛ ليدل لا على مشاهدة كونها ساجدة لهُ .

فصل

ذكر المفسرون : أنَّ يوسف عليه السلام رأى في المنام أحد عشر كوكباً ، والشمس والقمر يسجدون لهُ ، كان لهُ احد عشر من الإخوة يُسْتضاء بهم ؛ كما يُسْتضاء بالنُّجوم ، ففسَّر الكواكب : بالإخوة ، والشمس والقمر : بالأب والأم ، والسجُود : بتواضعهم له ، ودخولهم تحت أمره ، وإنما حملنا الرُّؤية على رُؤية المنام ؛ لأن الكواكب لا تسجُج في الحقيقَةن ولقول يعقوب عليه الصلاة والسلام : { لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ على إِخْوَتِكَ } .

وقال السديُّ : " القمر : خالته ، والشَّمسُ : أبُوه ؛ لأن أمَّه راحِيل كانت قد ماتت " .

وقال ابن جريج : القَمَر : أبُوه ، والشَّمسُ أمُّه ؛ لأن الشمس مؤنثة ، والقمر مذكَّر .

وقال وهب بن مُنبِّه رضي الله عنه : " إن يُوسفُ عليه الصلاة والسلام ت رأى وهو ابنُ سبع سنين ، إحدى عشرة عصاً طوالاً كانت مركُوزة في الأرض كهيئة الدَّائرة ، وإذا عَصاً صغيرة وثبت عليها حتى اقتلعتها ، فذكر ذلك لأبيه ؛ فقال : إيَّاك أن تذكر هذا لإخوتك ، ثمَّ رأى وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، الشَّمس ، والقمر والكواكب ، تسجُد له ؛ فقصَّها على أبيه ؛ فقال : لا تذكرها له فيَكيدُوا لَك كَيْداً " .

روى الزمخشريُّ : رحمه الله : " أن يهُودِيًّا جاء إلى النبيِّ صلى الله عليه سولمن فقال يا محمَّد : أخبرني عن النُّجُوم التي رآهُن يوسف ، فسكت النبي عليه الصلاة والسلام ؛ فنزل جبريل عليها لسلام فأخبره بذلك ؛ فقال عليه الصلاة والسلام لليهوديَّ : إن أخبرتك بذلك هل تسلم ؟ قال : نَعمْ ؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم ومجد وبجل وعظم : حرثان ، والطارق والذيال ، وقابس ، وعمودان ، والفليق ، والمصبح ، والقرع ، والضروح ووثاب ، وذو الكتفين رآها يوسف ، والشمس والقمر [ نَزلْنَ ] من السَّماء ، وسجدن لهُ ، فقال اليهوديُّ : أي والله إنَّها لأسماؤها " .

واعلم ان كثيراً من هذه الأسماء غير مذكورة في الكتب المصنفة في صُور الكواكب .

فصل

زعمت طائفةٌ من العلماء : أ ، ه لم يكن في أولاد يعقُوب نبيٌّ غير يُوسف عليه الصلاة والسلام وباقي إخوته لم يوح إليهم ، واستدلُّوا بظاهر ما ذُكر من أفعالهم ، وأحوالهم في هذه القصَّة ، ومن استدلَّ على نُبوتهم ، استدلَّ قوله تعالى : { آمَنَّا بالله وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إلى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ والأسباط } [ البقرة : 136 ] وزعم أنَّ هؤلاء : هم الأسباط ، وهذا استدلال ضعيفٌ ؛ لأن المراد بالأسباط : شُعوب بني إسرائيل ، ما كان يوجد فيهم من الأنبياء الذين نزل عليهم الوحي ، وأيضاً : فإنَّ يوسف عليه الصلاة والسلام هو المخصُوص من بين إخوته بالنبوة والرسالة ؛ لأنَّه نصَّ على نُبوَّته ، والإيحاء إليه في آيات من القرآن ولم ينصَّ على أحد إخوته سواه ؛ فدلَّ على ما ذكرنا .

فصل