اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَيَٰقَوۡمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ ٱللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمۡۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (30)

ثم قال : { ويا قوم مَن يَنصُرُنِي مِنَ الله إِن طَرَدتُّهُمْ } [ هود : 30 ] من يمنعني من عذاب الله { إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } تتَّعِظُونَ .

والمعنى : على أنَّ العقل والشرع تطابقا على تعظيم المؤمن التَّقي ، وإهانةِ الفَاجرِ ، فلو عظَّمْتُ الكافر وطردتُ المؤمن وأهنتهُ كنت على ضِدّ دين الله ؛ فأسْتوْجبُ حينئذٍ العقابَ العظيمَ ، فمن الذي ينصُرُني من الله ، ومن الذي يُخَلِّصُني من عذابِ الله .

واحتجَّ قوم بهذه الآية على صُدُورِ الذَّنب من الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - فقالوا دلَّت الآيةُ على أنَّ طردَ المؤمنين لطلب مرضاة الكفار معصية ، ثم إن محمداً - صلوات الله وسلامه عليه - طرد المؤمنين لطلب مرضاة الكفار حتى عاتبه الله - عزَّ وجلَّ - في قوله : { وَلاَ تَطْرُدِ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالغداة والعشي } [ الأنعام : 52 ] .

والجوابُ : يحمل الطَّرد المذكور في هذه الآية على الطَّرد المطلق المؤبَّدِ ، والطَّرد المذكور في واقعة محمدٍ - صلوات الله البر الرحيم وسلامه عليه - على المُقيَّدِ في أوقاتٍ معينةٍ رعاية للمصلحة .