{ أولئك لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ } .
قال الواحديُّ : " معنى الإعجاز المنع من تحصيل المراد ، يقال : أعجزني فلانٌ : أي : منعني من مرادي ، ومعنى { مُعْجِزِينَ فِي الأرض } أي : لا يمكنهم أن يهربُوا من عذابنا ، فإنَّ هربَ العبدِ من عذابِ الله - تعالى - محالٌ ؛ لأنَّه - تعالى - قادرٌ على جميع الممكنات " .
وقال ابنُ عبَّاس - رضي الله عنهما - " سَابقين " {[18733]} .
وقال مقاتلٌ : " فائتين " {[18734]} .
{ فِي الأرض وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّن دُونِ الله مِنْ أَوْلِيَآءَ } يعني أنْصَاراً يحفظونهم من عذابنا .
{ يُضَاعَفُ لَهُمُ العذاب } أي : يُزادُ في عذابهم . وقيل : تضعيف العذاب عليهم لإضلالهم الغير .
وقيل سبب تضعيف عذابهم أنَّهُم كفروا بالبَعْثِ والنشور .
قوله : { مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع } يجوز في " ما " هذه ثلاثة أوجهٍ :
أحدها : أن تكون نافيةً ، نفى عنهم ذلك لمَّا لمْ يَنْتَفعُوا به ، وإن كانُوا ذوي أسماع وأبصار ، أو يكون متعلَّقُ السَّمْعِ والبصر شيئاً خاصاً .
والثاني : أن تكون مصدرية ، وفيها حينئذٍ تأويلان :
أحدهما : أنَّها قائمةٌ مقام الظرف ، أي : مُدة استطاعتهم ، وتكونُ " مَا " منصوبة ب " يُضاعَفُ " ، أي : لا يضاعفُ لهم العذابُ مُدة استطاعتهم السَّمْعَ والأبصار .
والثاني : أنَّها منصوبة المحلِّ على إسقاطِ حرف الجر كما يحذف من " أنْ " و " أنّ " اختيها ، وإليه ذهب الفرَّاءُ ، وذلك الجَارُّ متعلقٌ أيضاً ب " يُضَاعَفُ " أي : يضاعفُ لهم بكونهم كانوا يسمعون ، ويبصرون ، ولا ينتفعون .
والثالث : أن تكون " ما " بمعنى " الَّذي " ، وتكون على حذف حرف الجر أيضاً ، أي : بالذي كانوا ، وفيه بعدٌ لأنَّ حذف الحرفِ لا يطَّرد .
والجملة من قوله : " يُضاعَفُ " مستأنفة .
وقيل : إنَّ الضمير في قوله " مَا كَانُوا " يعودُ على " أوْليَاء " وهم آلهتهم ، أي : فما كان لهم في الحقيقةِ من أولياء ، وإن كانُوا يعتقدون أنَّهم أولياء ، فعلى هذا يكون { يُضَاعَفُ لَهُمُ العذاب } معترضاً .
احتجُّوا بهذه الآية على أنه سبحانه وتعالى قد يخلقُ في المكلف ما يمنعه من الإيمان .
روي عن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - أنَّهُ قال : إنَّه تعالى منع الكافرين من الإيمان في الدنيا وفي الآخرة .
أمَّا في الدنيا ففي قوله { مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ } .
وأمَّا في الآخرة ففي{[18735]} قوله - عز وجل - { وَيُدْعَوْنَ إِلَى السجود فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } [ القلم : 42 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.