اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗاۚ وَإِن مِّنۡ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٞ} (24)

قوله : { إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ بالحق بَشِيراً وَنَذِيراً } لما قال : إن أنت إلا نذير بين أنه ليس نذيراً من تلقاء نفسه إنما هو نذير بإذن الله تعالى وإرساله{[45246]} .

قوله : { بالحق } يجوز فيه أوجه :

أحدهما : أنه حال من الفاعل أيْ أَرْسَلْنَاكَ مُحِقِّين . أو من المفعول أي مُحِقًّا أو نعت لمصدر محذوف أي إرسالاً ملتبساً بالحق . أو متعلقٌ بِبَشِيرٍ{[45247]} ونذير ، قال الزمخشري : بشيراً بالوعد{[45248]} ونذيراً بالوعيد الحق .

قال أبو حيان : ولا يمكن أن يتعلق «بالحق » هذا ببشيراً ونذيراً معاً بل ينبغي أن يتأول كلامه على أنه أراد أَنَّ ثَمَّ محذوفاً والتقدير : بشيراً بالوَعْدِ الحَقِّ ونذيراً بالوَعِيدِ الحَقِّ{[45249]} ، قال شهاب الدين : قد صرح الرجلُ بهذا{[45250]} .

قوله : { وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ } أي وما مِنْ أُمَّة فيما مضى . وقوله : { إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ } خبر ( ( من أمة ) ) ومعنى «خَلاَ » أي سلف فيها نذير نبي منذر . وحذف من هذا ما أثبته في الأول ، إذ التقدير : إلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ{[45251]} .


[45246]:هكذا كلام الفخر الرازي في التفسير الكبير 26/18 .
[45247]:قال بكل هذه الأوجه الزمخشري في الكشاف 3/306 وأبو حيان في البحر 7/309 والسمين في الدر 4/476 .
[45248]:الكشاف المرجع السابق لكنه عبر عن التعلق ((ببشيرا ونذيرا)) بالصلة فقال: ((أو صلة لبشيرا ونذيرا الخ..)) المرجع السابق .
[45249]:قاله في البحر 7/310 مع تقديم وتأخير ففيه: ((بالوعد الحق بشيرا وبالوعيد الحق نذيرا)).
[45250]:الدر المصون 4/476 أي صرح في الكشاف المرجع السابق .
[45251]:معنى كلام أبي حيان ولفظ السمين. انظر المرجعين السابقين .