اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱللَّهَ رَبَّكُمۡ وَرَبَّ ءَابَآئِكُمُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (126)

قوله : { الله رَبَّكُمْ وَرَبَّ } قرأ الأخَوَانِ بنصب الثلاثة{[47354]} من ثلاثة أوجه : النصب على المدح{[47355]} أو البدل{[47356]} أو البيان إن قلنا : إنَّ إضافة «أفعل » إضافة محضة{[47357]} ، والباقون بالرفع إمَّا على أنه خبر ابتداء مضمر أي هو الله{[47358]} ، أو على أن الجلالة مبتدأ وما بعده الخبر{[47359]} ، روي عن حمزة أنه كان إذا وصل نصب ، وإذا وقَفَ رفع . وهو حَسَنٌ جداً . وفيه جمع بين الرِّوَايَتَيْنِ .

فصل

قال المفسرون : لما قَبَضَ الله حِزْقِيلَ{[47360]} عليه ( الصلاة و ) السلام- عَظُمَت الأحداثُ في بني إسرائيل وظهر فيهم الفساد والشك وعبدوا الأوثان من دون الله - عز وجل - فبعث الله إليهم إلياس نبيُّا ، وكانت الأنبياء من بني إسرائيل ، يبعثون من بعد موسى بتجديد ما نَسُوا من التوراة وبنو إسرائيل كانوا متفرقين في أرض الشام ، وسبب ذلك أن يُوشَع بْن نُون لما فتح الشام بوّأها بني إسرائيل وقسمها بينهم فأحل سبطاً منهم ببعلبك ونواحيها وهم السبط الذين كان منهم إلياس فبعثه الله إليهم نبياً وعليهم يومئذ ملك يقال له أحب قد أضلّ قومه وأجبرهم على عبادة الأصنام وأن يعبد هو وقومه صنماً يقال له بَعْل وكان طوله عشرينَ ذراعاً وله أربعةُ أوجه فجعل إلياس يدعوهم إلى الله - عَزَّ وَجَلَ - وهم لا يسمعون إلا ما كان من الملك فإنه صدقه وآمن به ثم ذكروا قصة طويلة وذكروا في آخرها أن إلياس رفع إلى السماء وكساه الله الرِّيش وقطع عنه لِذَّة المطعم والمشرب فكان إنسيًّا ملكياً أرضياً سمائياً{[47361]} ، قال ابن أبي دُؤَادَ{[47362]} : إنَّ الخضر وإلياسَ يصومان شهر رمضان ببيت المقدس ويوافيان الموسم في كل عام .

وقيل : إنَّ إلياس وكَل بالفيافي والخَضْرَ وكّل بالعمار .


[47354]:من القراءات المتواترة. السبعة 549 وإبراز المعاني 666 وحجة ابن خالويه 304 والنشر 2/360، والكشف 2/228.
[47355]:قاله أبو البقاء 1093 أي أعني.
[47356]:السابق والبيان 2/307 ومشكل الإعراب لمكي 2/242 وانظر كل هذا في الدر المصون 4/567.
[47357]:هذا قول أبي حيان والسمين في البحر والدر، البحر 7/373 والدر 4/567.
[47358]:المرجع الأخير السابق وانظر: القرطبي 15/117 ونقله عن أبي حاتم.
[47359]:الدر المصون السابق ومشكل الإعراب 2/243 وإعراب النحاس 3/436 والبيان 2/307 ومعاني الزجاج 4/313.
[47360]:هو حزقيل بن بودي وهو الذي أصاب قومه الطاعون وحذرهم من الموت. انظر: معارف ابن قتيبة 51.
[47361]:انظر هذه القصة في زاد المسير 7/81.
[47362]:أبو عبد الله أحمد بن أبي دؤاد كان من أصل المعتزلة وأفاضلهم وممن جرد في إظهار المذهب والذب عن أهله والعناية بن مات سنة 240 هـ. انظر: الفهرست 212، وانظر: البغوي 6/36 و37.