اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَتَدۡعُونَ بَعۡلٗا وَتَذَرُونَ أَحۡسَنَ ٱلۡخَٰلِقِينَ} (125)

ولما خوفهم على سبيل الاحتمال ذكر ما هو السبب لذلك التخويف فقال : { أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الخالقين } .

قوله : { بَعْلاً } القراء على تنوينه منصوباً وهو الربّ بلغة اليمن سمع ابن عباس رجلاً منهم يُنْشِد ضَالَّةً فقال آخر : أنا بَعْلُها ، فقال : الله أكبر وتلا الآية . ويقال : مَنْ بَعْلُ هذه الدار ؟ أي مَنْ رَبُّها ؟ وسمي الزوج بعلاً لهذا المعنى ، قال تعالى : { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ } [ البقرة : 228 ] ، وقال : { وهذا بَعْلِي شَيْخاً } [ هود : 72 ] فعلى هذا التقدير : المعنى أتعبدون بعض البعول وتتركون عبادة الله تعالى وقيل : هو علم لصنَم بعينه ، وقيل : هو علم لامرأة بعينها أتتهم بضلالٍ فاتبعوها{[47351]} ، ويؤيده قراءة من قرأ : «بَعْلاَء » بزنة حمراء . {[47352]}

قوله : { وَتَذَرُونَ } يجوز أن يكون حالاً ، على إضمار مبتدأ ، وأن يكون عطفاً على «تَدْعُونَ » فيكون داخلاً في حيِّز الإنكار{[47353]} .


[47351]:انظر هذه المعاني والآراء كلها في البحر 7/373، والكشاف 3/352، والرازي 26/161، وزاد المسير لأبي الفرج ابن الجوزي 7/80، والقرطبي 15/117، ومعاني الفراء 2/392 و 393، وانظر أيضا في معنى البعل: الغريب لابن قتيبة 374، والمجاز لأبي عبيدة 2/171 واللسان: "ب ع ل" 316 ومعاني القرآن وإعرابه لأبي إسحاق الزجاج 4/312.
[47352]:ذكر هذه القراءة أبو حيان في البحر 7/373 وشهاب الدين السمين في الدر 4/567 وابن خالويه في المختصر 128 وهي من القراءة الشاذة وانظرها أيضا في شواذ القرآن 207.
[47353]:الدر المصون 4/567.