اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَبَشَّرۡنَٰهُ بِإِسۡحَٰقَ نَبِيّٗا مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (112)

قوله : { وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ الصالحين } . «نبياً » نصب على الحال . وهي حال مقدرة{[47325]} . قال أبو البقاء : إنْ كَانَ الذَّبيح إسحاقَ فيظهر كونها مقدرة وإن كان إسماعيل هو الذبيح وكانت هذه البشارةُ بشارة بولادة إسحاق فقد جعل الزمخشري ذلك محل سؤال{[47326]} قال : فإن قلت : فرق بين هذا وبين قوله : { فادخلوها خَالِدِينَ } [ الزمر : 73 ] وذلك أن الدخول موجود مَعَ وجودِ الدُّخُول والخلود ( غير ) موجود معهما فقدرت الخلود فكان مستقيماً وليس كذلك المبشر به فإنه معدوم وقت وجود البشارة وعدم المبشر به أوجب عدم حاله لأن الحال حِلْية{[47327]} لا يقوم إلا في المحلى . وهذا المبشر به الذي هو إسحاق حين وجد لم توجد النبوة أيضاً بوجوده بل تراخت عنه مدة طويلة فكيف نجعل «نبياً » حالاً مقدرة والحال صفة للفاعل{[47328]} والمفعول عند وجود الفعل منه أو به ؟ ! فالخلود وإن لم يكن صفتهم عند دخول الجنة فنقدرها صفتهم لأن المعنى مقدرين الخلود وليس كذلك النبوة فإنه لا سبيل إلى أن تكون موجودة أو مقدرة وقت وجود البشارة بإسحاق لعدم إسحاق قلتُ : هذا سؤالٌ دقيق المسلك{[47329]} . والذي يحل الإشكال أنه لا بد من تقدير مضاف وذلك قوله : وَبشَّرْنَاهُ بوجود إسحاق نبياً أي بأن يوجد مقدّرة نبوتُهُ ، والعالم في الحال الوجود لا فعل البشارة ، وذلك يرجع نظير قوله تعالى : { فادخلوها خَالِدِين } [ الزمر : 73 ] انتهى{[47330]} . وهو كلام حَسَنٌ .

قوله : { مِّنَ الصالحين } يجوز أن يكون صفة «لِنَبِيًّا » وأن يكون حالاً من الضمير في «نَبِيًّا » فتكون حالاً متداخلة{[47331]} ، ويجوز أن تكون حالاً ثانية ، قال الزمخشري : وَوُرُودها على سبيل الثَّناء والتَّقْرِيظِ لأن كل نبي لا بد أن يكون من الصَّالِحينَ . {[47332]}


[47325]:التبيان 1092 والسمين 4/565.
[47326]:قال في البحر 7/371، 372 "ومن جعل الذبيح إسحاق جعل هذه البشارة بشارة بنبوته، ومن جعله إسماعيل جعل البشارة بولده إسحاق إلخ...".
[47327]:في الكشاف: لا محالة لأن الحال حلية والحلية لا تقوم.
[47328]:وفيه: صفة الفاعل أو المفعول.
[47329]:فيه: دقيق المسلك ضيق.
[47330]:وانظر: الكشاف 3/351 والبحر 7/371، 372، والآية في: "فادخلوها" [الزمر" 73].
[47331]:الدر المصون 4/565.
[47332]:الكشاف 3/351 وانظر المرجع السابق.