قوله : { فَلَمَّا أَسْلَمَا } في جوابها ثلاثة أوجه :
أظهرها : أنه محذوف أي ذَادَتْهُ المَلاَئِكَةُ أو ظَهَرَ صَبْرُهُمَا ، أو أجزلنا لهما أجرهما{[47304]} وقدره بعضهم : بعد الرؤيا ؛ أي كان ما كان مما يَنْطِقُ به الحال والوصف مما لا يدرك كُنْهُهُ{[47305]} ، ونقل ابن عطية : أن التقدير فَلَما أسْلَمَا أسْلَمَا{[47306]} وَتَلَّهُ كقوله :
4219- فَلَمَّا أَجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ وَانْتَحَى . . . بِنَا بَطْنُ خبْتٍ ذِي قِفَافِ عَقَنْقَل{[47307]}
أي فلما أجزنا أجزنا وانتحى{[47308]} ويُعْزَى هذا لسيبويه وشيخه الخلِيلِ{[47309]} . وفيه نظَر من حيث اتخاذ الفعلين الجَاريَيْنِ مَجْرَى الشَّرْط والجواب ، إلا أنْ يُقَال : جعل التغاير في الآية بالعطف على الفعل وفي البيت بعمل الثاني في «ساحة » وبالعطف عليه أيضاً ، والظاهر أن مثل هذا لا يكفي في التغاير{[47310]} .
الثاني : أنه «وَتَلَّهُ لِلْجَبِين » والواو زائدة وهو قول الكوفيين والأخفش . {[47311]}
والثالث : أنه «وَنَادَيْنَاهُ » والواو زائدة{[47304]} أيضاً كقوله : { وأجمعوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الجب وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ }{[47305]} [ يوسف : 15 ] فنودي من الجبل أن يا إبراهيم قَدْ صَدَّقْت الرؤيا . تَمَّ الكلام هنا . ثم ابتدأ : إنَّ كَذَلِكَ ( نَجْزِي المُحْسِنِينَ ) وقرأ عَلِيُّ وعبدُ الله وابنُ عباس سلّما{[47306]} ، وقرئ : اسْتَسْلَمَا{[47307]} . «وتله » أي صرعه وأضْجَعَهُ على شِقِّه ، وقيل : هو الرمي بقوة وأصله من رمى به على التلِّ وهو المكان المرتفع أو من التَّليل وهو العُنُق ، أي رماه على عُنُقِهِ ، ثم قيل لكُلّ إسقاط وإن لم يكن على تَلِّ ولا عنق . والتَّلُّ الرِّيح الذي يُتَلُّ به ، و «الجَبِينُ » ما انكشف من الجبهة من هنا ومن هنا ، وشذ جمعه على أجْبُن ، وقياسه في القلة أَجْبِنَة كَأرْغفَةِ وفي الكثرة جُبُن وجُبْنَان كرَغِيفٍ ورُغُفٍ وَرُغْفَان{[47308]} .
والمعنى سلم لأمر الله ، وأَسْلَم واسْتَسْلَمَ بمعنًى واحد أي انقاد وخضع . والمعنى أخلص نفسه لله وجعلها سالمة خالصة وكذلك استسلم استخلص نفسه لله ، وعن قتادة في أسلما : أسلم هذا ابنه ، وهذا نفسه{[47309]} ، وقوله : { وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ } أي صرعه على شِقِّه فوقع أحد جبينيه للأرض وللوجه جَبِينَانِ والجبهة بينهما .
قال ابن الأعرابي : التَّلِيلُ والمَتْلُون المَصْرُوع والمُتلُّ الذي يُتَلُّ به أي يُصْرَعُ{[47304]} ، والمعنى أنه صرعه على جبينه . وقال مقاتل : كبه على جبهته وهذا خطأ لأن الجبين غير الجبهة
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.