اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَٱحۡذَرُواْۚ فَإِن تَوَلَّيۡتُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (92)

وخامسها : قوله تعالى بعد ذلك : { وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ } وظاهرُ الأمْرِ بالطَّاعَةِ ، فيما تقدَّم ذكرُه من أمرهم بالاجْتِنَابِ عَنِ الخمْرِ والميْسِر .

وقوله " واحْذَرُوا " أي : احْذَرُوا عن مُخَالَفتهِمَا في هذا التَّكْلِيفِ .

وسادسها : قوله تعالى : { فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ } ، وهذا تَهْدِيد عَظِيمٌ ووعيدٌ شَدِيدٌ في حقِّ من خَالَفَ في هذا التَّكْلِيفِ ، وأعْرَضَ عن حُكْمِ اللَّهِ تعالى ؛ لأنَّ مَعْنَاه إنْ تَوَلَّيْتُم فالحُجَّةُ قد قَامَتْ عَلَيْكُمْ ، والرَّسُول قد خَرَجَ عن عُهْدَةِ التَّبْلِيغِ والإعْذَارِ ، فأمَّا ما وراء ذلِكَ من عِقَابِ من خَالَفَ هذا التَّكْلِيف وأعرض ، فذَلِكَ إلى اللَّهِ تعالى ، وهذا تَهْديدٌ عظيمٌ ، وهذا نصٌّ صَرِيحٌ في أنَّ كلَّ مُسكرٍ حرَامٌ ؛ لاشْتِمَالِهِ على ما تَشْتَمِلُ عليه الخَمْرُ .

قال - عليه الصَّلاة والسلام - : " كلّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وإن حتماً على اللَّهِ أنْ لا يَشْرَبَهُ عبْدٌ في الدُّنيا إلاَّ سَقَاهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَة من طِينَةِ الخَبَالِ ، هَلْ تَدْرُونَ مَا طِيْنَةُ الخَبَالِ ؟ " قلنا : لا . قال : " عَرَقُ أهْلِ النَّارِ " ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : " مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا في الآخِرَةِ " .

وعن ابن عُمَرَ - رضي الله عنهما - أنَّهُ قال : أشْهَدُ أنِّي سَمِعْتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم - وهو يقُولُ : " لَعَنَ اللَّهُ الخَمْرَ وشَاربَهَا وساقِيهَا وبَائِعَهَا ومُبْتَاعَهَا وعاصِرهَا ومُعْتَصِرهَا وحَامِلَهَا والمحمولةَ إلَيْه وآكِلَ ثَمَنِهَا " {[12516]} .


[12516]:تقدم.