إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَٱحۡذَرُواْۚ فَإِن تَوَلَّيۡتُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (92)

{ وَأَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرسول } عطف على اجتنبوه أي أطيعوهما في جميع ما أمرا به ونهيا عنه { واحذروا } أي مخالفتَهما في ذلك فيدخل فيه مخالفةُ أمرِهما ونهْيِهما في الخمر والميسر دخولاً أولياً { فَإِن تَوَلَّيْتُمْ } أي أعرضتم عن الامتثال بما أُمرتم به من الاجتناب عن الخمر والميسر وعن طاعة الله تعالى وطاعةِ رسوله عليه الصلاة والسلام والاحترازِ عن مخالفتهما { فاعلموا أَنَّمَا على رَسُولِنَا البلاغ المبين } وقد فعل ذلك بما لا مزيد عليه وخرج عن عُهدة الرسالة أيَّ خروج ، وقامت عليكم الحجة وانتهت الأعذار وانقطعت العلل ، وما بقي بعد ذلك إلا العقاب . وفيه من عظم التهديد وشدة الوعيد ما لا يخفى ، وأما ما قيل من أن المعنى فاعلموا أنكم لم تضُروا بتولِّيكم الرسولَ لأنه ما كُلّف إلا البلاغَ المبينَ بالآيات وقد فعل ؛ وإنما ضررتم أنفسكم حين أعرضتم عما كُلِّفتموه فلا يساعده المقام ، إذ لا يُتوهم منهم ادعاءُ أنهم بتوليهم يضرونه عليه الصلاة والسلام حتى يردَ عليهم بأنهم لا يضرونه ؛ وإنما يضرون أنفسهم .