ثم قال تعالى : { والحب ذو العصف والريحان } اقتصر من الأشجار على النخل لأنها أعظمها ودخل في الحب القمح والشعير وكل حب يقتات به خبزا أو ؤدم به بينا أنه أخره في الذكر على سبيل الارتقاء درجة فدرجة فالحبوب أنفع من النخل وأعم وجودا في الأماكن . وقوله تعالى : { ذو العصف } فيه وجوه : ( أحدها ) التبن الذي تنتفع به دوابنا التي خلقت لنا ( ثانيها ) أوراق النبات الذي له ساق الخارجة من جوانب الساق كأوراق السنبلة من أعلاها إلى أسفلها ( ثالثها ) العصف هو ورق ما يؤكل فحسب ( والريحان ) فيه وجوه ، قيل : ما يشم وقيل : الورق ، وقيل : هو الريحان المعروف عندنا وبزره ينفع في الأدوية ، والأظهر أن رأسها كالزهر وهو أصل وجود المقصود ، فإن ذلك الزهر يتكون بذلك الحب وينعقد إلى أن يدرك ( فالعصف ) إشارة إلى ذلك الورق والريحان إلى ذلك الزهر ، وإنما ذكرهما لأنهما يؤولان إلى المقصود من ( أحدهما ) علف الدواب ، ومن الآخر دواء الإنسان ، وقرئ الريحان بالجر معطوفا على العصف ، وبالرفع عطفا على الحب وهذا يحتمل وجهين : ( أحدهما ) أن يكون المراد من الريحان المشموم فيكون أمرا مغايرا للحب فيعطف عليه ( والثاني ) أن يكون التقدير ذو الريحان بحذف المضاف ، وإقامة المضاف إليه مقامه كما في : { واسأل القرية } وهذا مناسب للمعنى الذي ذكرنا ، ليكون الريحان الذي ختم به أنواع النعم الأرضية أعز وأشرف ، ولو كان المراد من الريحان هو المعروف أو المشمومات لما حصل ذلك الترتيب ، وقرئ { والريحان } ولا يقرأ { والحب ذو العصف } ويعود الوجهان فيه .
والحب ذو العصف كالحنطة والشعير وسائر ما يتغذى به و العصف ورق النبات اليابس كالتين والريحان يعني المشموم أو الرزق من قولهم خرجت أطلب ريحان الله وقرأ ابن عامر والحب ذا العصف والريحان أي وخلق الحب والريحان أو وأخص ويجوز أن يراد وذا الريحان فحذف المضاف وقرأ حمزة والكسائي والريحان بالخفض ما عدا ذلك بالرفع وهو فيعلان من الروح فقلبت الواو ياء وأدغم ثم خفف وقيل روحان فقلبت واوه ياء للتخفيف .
{ وَالْحَبُّ } : حَبُّ الحنطة والشعير والعدس وغير ذلك من الحُبوب .
{ ذُو الْعَصْفِ } : والعصف ورق الزرع .
{ وَالرَّيْحَانُ } الذي يُشَمُّ . . ويقال : " الرزق لأن العرب تقول : خرجنا نطلب ريحانَ الله " .
ذكَّرهم عظِمَ مِنَّتِه عليهم بما خَلَقَ من هذه الأشياء التي ينتفعون بها من مأكولاتٍ ومشمومات وغير ذلك .
{ والحب } أي وفي الأرض الحب ؛ كالبر والشعير مما يتغذى به . { ذو العصف } أي التبن أو القشر الذي يكون على الحب . وسمى عصفا لعصف الرياح به لخفته . { والريحان } أي وفيها الريحان : وهو كل مشموم طيب الرائحة من النبات . امتن الله على عباده بما خلقه لهم من الفاكهة للتلذذ ، ومن النخل للتلذذ والغذاء ، ومن الحب لغذاء الإنسان والحيوان ومن الريحان للتلذذ بطيب رائحته .
وقرئ بالجر عطفا على " العصف " وفسر باللب ؛ فكأنه قيل : والحب ذو العصف الذي هو رزق دوابكم ، وذو اللب الذي هو رزقكم .
العصف : ورقُ النبات الذي على السنبلة .
الرَّيحان : كل مشموم طيب الرائحة من النبات .
وفيها الحبُّ ذو القشر ، جعله رزقاً لكم ولأنعامكم . وفيها كل نبتٍ طيب الرائحة . وقد خص النخلَ بالذِكر لأن ثمره فاكهة وغذاء .
قرأ ابن عامر : والحبَّ ذا العصف والريحانَ بفتح الحب والريحان .
وقرأ حمزة والكسائي والريحانِ بالجر . والباقون : والحبّ ذو العصف والريحان بالرفع .
{ وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ } أي : ذو الساق الذي يداس ، فينتفع بتبنه للأنعام وغيرها ، ويدخل في ذلك حب البر والشعير والذرة [ والأرز ] والدخن ، وغير ذلك ، { وَالرَّيْحَانُ } يحتمل أن المراد بذلك جميع الأرزاق التي يأكلها الآدميون ، فيكون هذا من باب عطف العام على الخاص ، ويكون الله قد امتن على عباده بالقوت والرزق ، عموما وخصوصا ، ويحتمل أن المراد بالريحان ، الريحان المعروف ، وأن الله امتن على عباده بما يسره في الأرض من أنواع الروائح الطيبة ، والمشام الفاخرة ، التي تسر الأرواح ، وتنشرح لها النفوس .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.