البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَٱلۡحَبُّ ذُو ٱلۡعَصۡفِ وَٱلرَّيۡحَانُ} (12)

العصف : ورق الزرع . الريحان : كل مشموم طيب الريح من النبات .

ثم أتى ثالثاً بالحب الذي هو قوام عيش الإنسان في أكثر الأقاليم ، وهو البر والشعير وكل ما له سنبل وأوراق متشعبة على ساقه ، ووصفه بقوله : { ذو العصف } تنبيهاً على إنعامه عليهم بما يقوتهم من الحب ، ويقوت بهائمهم من ورقه الذي هو التبن .

وبدأ بالفاكهة وختم بالمشموم ، وبينهما النخل والحب ، ليحصل ما به يتفكه ، وما به يتقوت ، وما به تقع اللذاذة من الرائحة الطيبة .

وقرأ الجمهور : { والحب ذو العصف والريحان } ، برفع الثلاثة عطفاً على المرفوع قبله ؛ وابن عامر وأبو حيوة وابن أبي عبلة : بنصب الثلاثة ، أي وخلق الحب .

وجوزوا أن يكون { والريحان } حالة الرفع وحالة النصب على حذف مضاف ، أي وذو الريحان حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ؛ وحمزة والكسائي والأصمعي ، عن أبي عمرو : والريحان بالجر ، والمعنى : والحب ذو العصف الذي هو علف البهائم ، والريحان الذي هو مطعم الناس ، ويبعد دخول المشموم في قراءة الجر ، وريحان من ذوات الواو .

وأجاز أبو علي أن يكون اسماً ، ووضع موضع المصدر ، وأن يكون مصدراً على وزن فعلان كاللبان .

وأبدلت الواو ياء ، كما أبدلوا الياء واواً في أشاوى ، أو مصدراً شاذاً في المعتل ، كما شذ كبنونة وبينونة ، فأصله ريوحان ، قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء فصار ريحان ، ثم حذفت عين الكلمة ، كما قالوا : ميت وهين .