قوله : { وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ } : قرأ ابنُ عامر بنصب الثلاثة . وفيه ثلاثةُ أوجهٍ : النصبُ على الاختصاص ، أي : وأخُصُّ الحبَّ ، قاله الزمخشري . وفيه نظرٌ ؛ لأنه لم يَدْخُلْ في مُسَمَّى الفاكهة والنخل حتى يَخُصَّه مِنْ بَيْنِها ، وإنما أراد إضمارَ فعلٍ وهو أَخَصُّ ، فليس هو الاختصاصَ الصناعيَّ . الثاني : أنَّه معطوفٌ على الأرض . قال مكي : " لأنَّ قولَه " والأرضَ وَضَعَها " ، أي : خلقها ، فعطف " الحَبَّ " على ذلك " . الثالث : أنَّه منصوبٌ ب " خَلَق " مضمراً ، أي : وخلق الحَبَّ . قال مكي : " أو وخَلَقَ الحَبَّ " وقرأ به موافقةً لرَسْم مصاحِف بلده ، فإنَّ مصاحفَ الشامِ " ذا " بالألف . وجَوَّزوا في " الرَّيْحان " أن يكونَ على حَذْفِ مضافٍ ، أي : وذا الريحان فحُذِفَ/ المضافُ ، وأٌقيم المضافُ إليه مُقامَه ك { وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ } [ يوسف : 82 ] .
وقرأ الأخَوان برفع الأَوَّلين وجَرِّ " الرَّيْحان " عطفاً على " العَصْفِ " ، وهي تؤيِّدُ قولَ مَنْ حذفَ المضافَ في قراءةِ ابنِ عامرٍ . والباقون برفع الثلاثةِ عطفاً على فاكهة ، أي : وفيها أيضاً هذه الأشياءُ . ذكر أولاًّ ما يتلذَّذُون به من الفواكه ، وثانياً الشيءَ الجامعَ بين التلذُّذِ والتغذِّي وهو ثَمَرُ النَخْلِ ، وثالثاً ما يَتَغَذَّى به فقط ، وهو أعظمُها ، لأنه قُوْتُ غالبِ الناسِ . ويجوز في الرَّيْحان على هذه القراءةِ أَنْ يكونَ معطوفاً على ما قبلَه ، أي : وفيها الرَّيْحانُ أيضاً ، وأَنْ يكونَ مجروراً بالإِضافةِ في الأصلِ ، أي : وذو الرَّيحْان ففُعِلَ به ما تقدَّم .
والعَصْفُ : وَرَقُ الزَّرْعِ . وقيل : التِّبْنُ . وأصلُه كما قال الراغب : مِن " العَصْفِ والعَصِيْفة وهو ما يُعْصَفُ ، أي : يُقْطَعُ من الزَرْع " وقيل : هو حُطامُ النباتِ . والريحُ العاصف : التي تكسِرُ ما تمرُّ عليه وقد مَرَّ ذلك . والرَّيْحان في الأصل : مصدرٌ ثم أُطْلِقَ على الرزق كقولهم : " سُبْحانَ الله ورَيْحَانَه " ، أي : استِرْزاقُه وقيل : الرَّيْحان هنا هو المَشْمومُ .
وفي الرَّيْحان قولان ، أحدُهما : أنه على فَعْلان كاللَّيَّان مِنْ ذواتِ الواوِ . والأصلُ : رَوْحان . قال أبو علي : " فأُبْدِلَتْ الواوُ ياءً ، كما أَبْدَلوا الياءَ واواً في " أَشاوى " . والثاني : أن يكون أصلُه رَيْوِحان ، على وزن فَيْعِلان ، فأُبْدِلَتِ الواوُ ياءً ، وأُدْغِمَتْ فيها الياءُ ، ثم خُفِّفَ بحَذْفِ عينِ الكلمةِ كما قالوا : كَيْنُوْنة وبَيْنُونة . والأصلُ تشديدُ الياءِ فخفِّفَتْ كما خُفِّف هَين ومَيْت . قال مكي : " ولَزِم تَخْفِيْفُه لطولِه بلَحاق الزيادتَيْنِ " . ثم رَدَّ قولَ الفارسيِّ بأنه لا مُوْجبَ لقَلْبِها ياءً ثم قال : " وقال بعضُ الناسِ " فذكَر ما قَدَّمْتُه عن أبي علي إلى آخره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.