مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قَالَ هَٰذَا صِرَٰطٌ عَلَيَّ مُسۡتَقِيمٌ} (41)

أما قوله تعالى : { قال هذا صراط على مستقيم } ففيه وجوه : الأول : أن إبليس لما قال : { إلا عبادك منهم المخلصين } فلفظ المخلص يدل على الإخلاص ، فقوله هذا عائد إلى الإخلاص ، والمعنى : أن الإخلاص طريق علي وإلي ، أي أنه يؤدي إلى كرامتي وثوابي ، وقال الحسن : معناه هذا صراط إلي مستقيم ، وقال آخرون : هذا صراط من مر عليه ، فكأنه مر علي وعلى رضواني وكرامتي وهو كما يقال : طريقك علي . الثاني : أن الإخلاص طريق العبودية فقوله : { هذا صراط على مستقيم } أي هذا الطريق في العبودية طريق علي مستقيم . الثالث : قال بعضهم : لما ذكر إبليس أنه يغوي بني آدم إلا من عصمه الله بتوفيقه تضمن هذا الكلام تفويض الأمور إلى الله تعالى وإلى إرادته فقال تعالى : { هذا صراط على } أي تفويض الأمور إلى إرادتي ومشيئتي طريق على مستقيم . الرابع : معناه : هذا صراط على تقريره وتأكيده ، وهو مستقيم حق وصدق ، وقرأ يعقوب : { صراط على } بالرفع والتنوين على أنه صفة لقوله : { صراط } أي هو علي بمعنى أنه رفيع مستقيم لا عوج فيه . قال الواحدي : معناه أن طريق التفويض إلى الله تعالى والإيمان بقضاء الله طريق رفيع مستقيم .