ثم قال تعالى : { ونزعنا ما في صدورهم من غل } والغل الحقد الكامن في القلب وهو مأخوذ من قولهم : أغل في جوفه وتغلغل ، أي إن كان لأحدهم في الدنيا غل على آخر نزع الله ذلك من قلوبهم وطيب نفوسهم ، وعن علي عليه السلام أنه قال : أرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير منهم ، وحكى عن الحرث بن الأعور أنه كان جالسا عند علي عليه السلام إذ دخل زكريا بن طلحة فقال له علي : مرحبا بك يا ابن أخي ، أما والله إني لأرجو أن أكون أنا وأبوك ممن قال الله تعالى في حقهم : { ونزعنا ما في صدورهم من غل } فقال الحرث : كلا بل الله أعدل من أن يجعلك وطلحة في مكان واحد . قال عليه السلام : فلمن هذه الآية ؟ لا أم لك يا أعور ، وروي أن المؤمنين يحبسون على باب الجنة فيقتص لبعضهم من بعض ، ثم يؤمر بهم إلى الجنة . وقد نقى الله قلوبهم من الغل والغش ، والحقد والحسد ، وقوله : { إخوانا } نصب على الحال وليس المراد الأخوة في النسب بل المراد الأخوة في المودة والمخالصة كما قال : { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } وقوله : { على سرر متقابلين } السرير معروف والجمع أسرة وسرر ، قال أبو عبيدة يقال : سرر وسرر بفتح الراء وكذا كل فعيل من المضاعف فإن جمعه فعل وفعل نحو : سرر وسرر ، وجدد وجدد ، قال المفضل : بعض تميم وكلب يفتحون ، لأنهم يستثقلون ضمتين متواليتين في حرفين من جنس واحد ، وقال بعض أهل المعاني : السرير مجلس رفيع مهيأ للسرور وهو مأخوذ منه لأنه مجلس سرور . قال الليث : وسرير العيش مستقره الذي اطمأن إليه في حال سروره وفرحه ، قال ابن عباس : يريد على سرر من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت ، والسرير مثل ما بين صنعاء إلى الجابية ، وقوله : { متقابلين } التقابل التواجه ، وهو نقيض التدابر ، ولا شك أن المواجهة أشرف الأحوال وقوله : { لا يمسهم فيها نصب } النصب الإعياء والتعب أي لا ينالهم فيها تعب : { وما هم منها بمخرجين } والمراد به كونه خلودا بلا زوال وبقاء بلا فناء ، وكمالا بلا نقصان ، وفوزا بلا حرمان . واعلم أن للثواب أربع شرائط : وهي أن تكون منافع مقرونة بالتعظيم خالصة عن الشوائب دائمة .
أما القيد الأول : وهو كونها منفعة فإليه الإشارة بقوله : { إن المتقين في جنات وعيون } .
وأما القيد الثاني : وهو كونها مقرونة بالتعظيم فإليه الإشارة بقوله : { ادخلوها بسلام آمنين } لأن الله سبحانه إذا قال لعبيده هذا الكلام أشعر ذلك بنهاية التعظيم وغاية الإجلال .
وأما القيد الثالث : وهو كون تلك المنافع خالصة عن شوائب الضرر ، فاعلم أن المضار إما أن تكون روحانية ، وإما أن تكون جسمانية ، أما المضار الروحانية فهي الحقد ، والحسد ، والغل ، والغضب ، وأما المضار الجسمانية فكالإعياء والتعب فقوله : { ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين } إشارة إلى نفي المضار الروحانية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.